عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

الحكم للتابع والمتبوع من غير تعرّضٍ لتقدّم أو تأخّر أو معيّةٍ, واحترز بقوله مع اختصار عن نحو جاءني زيد وجاءني عمرو فإنّ فيه تفصيلاً للفاعل مع أنه ليس من عطف المسند إليه بل من عطف الجملة (أو) لتفصيل (المسند) بأنه قد حصل[1] من أحد المذكورَين أوّلاً ومن الآخَر بعده متراخياً أو غيرَ متراخٍ (كذلك) أي: مع اختصار, واحترز به[2] عن نحو جاءني زيد وعمرو بعده بيوم أو سنةٍ وما أشبه ذلك (نحو: جاءني زيد فعمرو أو ثُمّ عمرو أو جاءني القوم حتّى خالد ) فهذه الثلاثة[3] تشترك في تفصيل المسند وتختلف من جهة أنّ الفاء تدلّ على أنّ ملابسة الفعل للتابع بعد ملابسته للمتبوع بلا مُهلةٍ, و ثُمّ كذلك مع مُهلةٍ, و حتّى مثل ثُمّ إلاّ أنّ فيه دلالةً[4] على أنّ ما قبلها ممّا ينقضي شيئاً


 



[1] قوله: [بأنه قد حصل إلخ] أي: بأنّ المسند قد حصل من أحد المذكورين أوّلاً ومن الآخر بعده متراخياً كما في العطف بـثمّ أو غيرَ متراخٍ كما في العطف بالفاء, وهذا تصوير لتفصيل المسند.

[2] قوله: [واحترز به] أي: بقوله كذلك, وهذا بيانٌ لفائدة العبارة. قوله عن نحو جاءني إلخ فإنّ فيه تفصيلاً للمسند بأنّ المجيء حصل من زيد أوّلاً ومن عمرو بعده بيوم أو بسنة لكن لا مع اختصار.

[3] قوله: [فهذه الثلاثة إلخ] أي: فهذه الأحرف الثلاثة من الفاء وثمّ وحتّى تشترك إلخ, وهذا بيانٌ لما به الاشتراك وما به الامتياز في هذه الحروف الثلاثة. قوله وثمّ كذلك مع مهلة أي: وثمّ تدلّ على أنّ ملابسة الفعل للتابع بعد ملابسته للمتبوع مع مهلة.

[4] قوله: [إلاّ أنّ فيه دلالةً إلخ] دفعٌ لما يتوهّم من جعل حتّى مثل ثمّ من أنها مثلها مطلقاً, وحاصل الدفع أنّ في حتّى دلالةً على أمرَين أحدهما أنّ الفعل الذي قبلها ممّا ينقضي شيئاً فشيئاً كالقدوم في قدم الحاجّ حتّى المُشاة فيكون متبوعها ذا أجزاء يكون الحكم متعلِّقاً بها تدريجاً بخلاف ثمّ, فيجوز جاءني زيد ثم بكر لا حتّى بكر, وثانيهما أن يبلغ ما بعدها فيكون مدخولها داخلاً في الحكم السابق, وبهذا تمتاز حتّى العاطفة عن الجارّة فإنّ في دخول مدخولها فيما قبلها اختلافاً, ثمّ ما ذكر هنا من الدلالة على الأمرَين فإنّما هو في حتّى العاطفة للمفرد على المفرد, وأمّا في حتّى العاطفة للجملة على الجملة وتُسمَّى ابتدائيّة فإنها تدلّ على تعظيم ما بعدها أو تحقيره.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400