عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

أو أضعفها, فإن قلت[1]: العطف على المسند إليه بالفاء و ثُمّ و حتّى يشتمل على تفصيل المسند إليه أيضاً فكان الأحسن أن يقول: أو لتفصيلهما معاً , قلتُ: ذكر الشيخ[2] في "دلائل الإعجاز" أنّ النفي إذا دخل في كلام فيه تقييد بوجهٍ مّا يتوجّه إلى ذلك التقييد وكذا الإثبات[3] وجملة الأمر أنه ما من كلام فيه أمر زائد على مجرّد إثبات الشيء للشيء أو نفيه عنه إلاّ وهو الغرض الخاصّ والمقصود من الكلام وهذا ممّا لا سبيل إلى الشكّ فيه انتهى كلامه. ففي نحو جاءني زيد فعمرو يكون الغرض إثبات مجيء عمرو بعد مجيء زيد بلا مُهلةٍ حتّى كأنه معلوم أنّ الجائيَ زيد وعمرو والشكّ إنّما وقع في الترتيب والتعقيب فيكون العطف لإفادة تفصيل المسند لا غير[4] حتّى لو قلتَ: ما جاءني زيد فعمرو كان


 



[1] قوله: [فإن قلتَ إلخ] اعتراضٌ على المتن وتقريره ظاهر. قوله أيضاً أي: كما يشتمل على تفصيل المسند.

[2] قوله: [قلتُ ذكر الشيخ إلخ] حاصل الجواب أنه فرق بين أن يكون الشيء حاصلاً من الشيء وبين أن يكون مقصوداً منه, فتفصيل المسند إليه في العطف بهذه الأحرف وإن كان حاصلاً لكنّ العطف بها ليس لأجله بل لأجل تفصيل المسند لأنّ معاني هذه الحروف قيود زائدة على مجرّد الإثبات أو النفي والكلام إذا اشتمل على قيد كذلك فهو الغرض الخاصّ والمقصود الأصليّ من الكلام, فتفصيل المسند إليه كأنه أمر معلوم وإنّما سيق الكلام لبيان أنّ المجيئَين على الترتيب بلا مهلة أو مع مهلة.

[3] قوله: [وكذا الإثبات] أي: ومثل النفي الإثبات في أنه إذا دخل على كلام فيه تقييد بوجهٍ مّا يتوجّه الإثبات إلى ذلك القيد فالمقصود في جاءني زيد فبكر هو بيان الترتيب بين المجيئَين بلا مهلة وأمّا أصل المجيئَين فكأنه أمر معلوم للمخاطَب. قوله وهذا إلخ أي: وهذا الأصل ممّا لا شكّ فيه إلاّ أنه ليس بقاعدة كليّة إذ قد يكون النفي الداخل على المُقيَّد متوجِّهاً إلى القيد والمُقيَّد معاً أو إلى المُقيَّد فقط بواسطة القرينة كما في قوله تعالى: ﴿لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗۖ﴾ [آل عمران:١٣٠] فإنّ المنهيّ عنه هنا القيد والمُقيَّد كلاهما بدليل قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْ﴾ [البقرة:٢٧٥].

[4] قوله: [لإفادة تفصيل المسند لا غير] أي: وتفصيلُ المسندِ إليه الحاصلُ فيه إنّما هو لضرورة تفصيل المسند لا لذاته. قوله كان نفياً إلخ لأنّ القيد الزائد فيه هو مدلول الفاء وهو مجيء عمرو بعد مجيء زيد بلا مهلة فإذا دخل عليه النفي يتوجّه إليه وإيّاه نَفَى وبقي باقي الاحتمالات في مجيئهما على حالها.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400