أنّ فائدته ترجع إليهما جميعاً لأنه يجعل أحدهما مخصَّصاً ومقصوراً والآخَر مخصَّصاً به ومقصوراً عليه (فلتخصيصه) أي: المسند إليه (بالمسند) يعني لقصر المسند[1] على المسند إليه لأنّ معنى قولنا: زيد هو القائم أنّ القيام مقصور على زيدٍ لا يتجاوز إلى عمرو, ولهذا يقال في تأكيده: لا عمرو , فإن قلتَ[2]: الذي يسبق إلى الفهم من تخصيص المسند إليه بالمسند هو قصره على المسند لأنّ معناه جعل المسند إليه بحيث يخصّ المسندَ ولا يعمّه وغيرَه, قلتُ: نَعَم[3] ولكن غالب استعماله في الاصطلاح على أن يكون المقصور هو المذكور بعد الباء على طريقة قولهم: خصّصتُ فلاناً بالذكر إذا ذكرتَه دون غيره وجعلتَه من بين الأشخاص مختصًّا بالذكر, فكان المعنى جعل هذا المسند إليه من بين ما يصحّ اتّصافه
[1] قوله: [يعني لقصر المسند إلخ] إشارةٌ إلى أنّ الباء داخلة على المقصور. قوله لأنّ معنى قولنا إلخ تعليل للعناية. قوله ولهذا يقال إلخ أي: ولأجل أنّ معنى زيد هو القائم على قصر القيام على زيد ونفيه عن غيره يقال في تأكيده: لا عمرو ونحوه ممّا يفيد صراحةً نفيَ القيام عن غيره فلو كان المعنى على العكس لقيل في تأكيده: لا الماشي ونحوه ممّا يفيد نفيَ غير القيام عن زيد.
[2] قوله: [إن قلتَ إلخ] اعتراض على قوله يعني لقصر المسند على المسند إليه, وحاصله أنّ المتبادر بحسب اللغة والمفهوم الأصليّ من تخصيص المسند إليه بالمسند هو قصر المسند إليه على المسند إذ الباء تدخل على المقصور عليه كما في اختصّ الجود بزيد فإنّ الجود مقصور على زيد.
[3] قوله: [قلتُ نَعَم إلخ] حاصل الجواب أنّ الأمر كما قيل من أنّ الباء تدخل على المقصور عليه لكنّ الغالب في الاستعمال والاصطلاح أنها تدخل على المقصور كما في قوله تعالى: ﴿يَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُ﴾ [آل عمران:٧٤], وههنا كذلك فيؤول المعنى إلى ما ذكره وفصّله الشارح. قوله على طريقة إلخ إثباتٌ لما ادّعاه من أنّ الاستعمال الشائع هو دخول الباء على المقصور. قوله فكان المعنى إلخ أي: فكان معنى قوله فلتخصيصه بالمسند فلجعل المسند إليه إلخ وهذا معنى قصر المسند على المسند إليه.