لأنّ مفهومَ الأوّل[1] أعني ما أنا قلت يقتضي ثبوتَ قائليّة هذا القول لغير المتكلِّم ومنطوقَ الثاني أعني ولا غيري نفيَ قائليّته عن الغير وهما متناقضان بل يجب عند قصد هذا المعنى[2] أن يؤخَّر المسند إليه ويقال: ما قلته أنا ولا أحد غيري اللهمّ إلاّ إذا قامت[3] قرينة على أنّ التقديم لغرض آخر غير التخصيص كما إذا ظنّ المخاطب[4] بك ظنَّين فاسدَين: أحدهما أنك قلتَ هذا القول, والثاني أنك تعتقد أنّ قائله غيرك, فيقول لك: أنت قلت لا غيرك , فتقول له: ما أنا قلته ولا أحد غيري قصداً إلى إنكار نفس الفعل فتُقدِّم المسند إليه ليطابق كلامَه, وهذا إنّما يكون فيما يُمكِن إنكاره كما في هذا المثال, بخلاف قولك: ما أنا بنيتُ هذه الدارَ ولا غيري فإنه لا يصحّ (ولا ما أنا رأيتُ أحداً ).
[1] قوله: [لأنّ مفهوم الأوّل إلخ] تعليل لعدم صحّة القول المذكور. قوله أعني ما أنا قلتُ تعيينٌ للمراد بالأوّل. قوله أعني ولا غيري تعيينٌ للمراد بالثاني. قوله وهما متناقضان أي: وثبوتُ القائليّة للغير ونفيُها عنه متناقضان, وما يقتضِي هذا التناقض يكون باطلاً وهو القول المذكور.
[2] قوله: [عند قصد هذا المعنى] أي: عند قصد نفي القول مطلقاً بأنه ليس مقولاً للمتكلِّم ولا لغيره.
[3] قوله: [اللهمّ إلاّ إذا قامت إلخ] أي: لا يجوز تقديم المسند إليه في القول المذكور في وقت من الأوقات إلاّ وقتَ قيام القرينة الدالّة على أنّ تقديم المسند إليه فيه ليس للتخصيص بل لغرض آخر.
[4] قوله: [كما إذا ظنّ المخاطَب إلخ] مثالٌ لقيام القرينة الدالّة على أنّ تقديم المسند إليه لغرض آخر غير التخصيص. قوله ظنَّينِ فاسدَين أي: غيرَ مطابقَين للواقع, وهذا ما يسّره الله تعالى القويّ لعبده الضعيف النحيف, اللهمّ لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا غفرانك ربّنا وإليك المصير, اللهمّ يا الله يا رحمن يا رحيم يا حنّان يا منّان يا كريم اغفرلي ولوالديّ ولكلّ من له حقّ عليّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب, اللهمّ لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب وإنّك أنت السميع العليم وإنّك أنت الحليم الكريم, اللهمّ لك الحمد أوّلاً وآخِراً حمداً كثيراً طيِّباً مباركاً فيه, وصلّ وسلِّم على رسولك الكريم صلاةً وسلاماً دائمَين بدوام ملكك بعدد كواكب السماء وذرات الأرض وأوراق الأشجار وقطرات البحار والأمطار وعلى آله وصحبه أجمعين.