قولهم: وَلِيَكَ أي: قرُب منك (نحو: ما أنا قلتُ هذا أي: لم أقله مع أنه مقول لغيري) فالتقديم[1] يفيد نفيَ الفعل عن المذكور وثبوتَه لغيره على الوجه الذي نفي عنه من العموم والخصوص فلا يقال هذا[2] إلاّ في شيء ثبت أنه مقول لغيرك وأنت تريد نفي كونك القائل لا نفي القول, ولا يلزم منه[3] أن يكون جميع من سواك قائلاً لأنّ التخصيص إنّما هو بالنسبة إلى مَن توهّم المخاطب اشتراكَك معه في القول أو انفرادَك به دونه لا بالنسبة إلى جميع مَن في العالَم (ولهذا) أي: ولأنّ التقديم[4] يفيد التخصيصَ ونفيَ القول عن المذكور مع ثبوته للغير (لم يصحّ ما أنا قلت) هذا (ولا غيري ).................................................
[1] قوله: [فالتقديم إلخ] تفريعٌ على تفسير المصـ وتطبيقٌ للمثال بالممثَّل له أي: فتقديم المسند إليه هنا يُفِيد نفيَ القول عن المتكلِّم ويُفِيد ثبوتَه لغير المتكلِّم. قوله على الوجه إلخ متعلِّقٌ بالثبوت أي: يفيد ثبوتَه لغيره على الوجه الذي نُفِيَ ذلك القول عن المتكلِّم. قوله من العموم والخصوص بيانٌ للوجه أي: إن كان النفي عن المذكور عامًّا كان الثبوت للغير عامًّا وإن كان خاصًّا كان خاصًّا نحو ما أنا رأيتُ أحداً وما أنا رأيتُ زيداً فنفي الرؤية عن المذكور في الأوّل عامّ لكلّ أحد لوقوع النكرة في سياق النفي فيكون ثبوتها للغير فيه عامًّا لكلّ أحد, ولذا لم يصحّ ذلك فإنه يمتنع رؤية أحد كلَّ أحد.
[2] قوله: [فلا يقال هذا إلخ] أي: إذا علمتَ أنّ تقديم المسند إليه في الصورة المذكورة يفيد نفيَ الفعل عن المذكور وثبوتَه لغيره علمتَ أنه لا يقال هذا المثال إلاّ في شيء ثبت أنه مقول لغيرك وأنت تريد نفيَ كونك القائلَ به لا نفيَ القول مطلقاً بأنْ تريد أنّ ذلك الشيء ليس مقولاً لك ولا لغيرك.
[3] قوله: [ولا يلزم منه إلخ] دفعٌ لما يُوهِم قولُه وثبوتَه لغيره من أنّ التقديم في الصورة المذكورة يُفيد أنّ الفعل ثابت لكلّ من هو غير المذكور, وعلى هذا لا يصحّ أن يقال ما أنا قلتُ هذا لأنه يمتنع أن يكون شيء يقوله كلّ أحد سوى المتكلِّم, وحاصل الدفع أنه لا يلزم من ثبوت أنه مقول لغيرك أن يكون جميع من سواك قائلاً به لأنّ القصر هنا إضافيّ بالنسبة إلى مَن توهّم المخاطَب اشتراكَك معه في القول فيكون قصر إفراد, أو مَن ردّد القول بينه وبينك فيكون قصر تعيين, أو مَن توهّم انفرادَك بالقول دونه فيكون قصر قلب, وليس القصر حقيقيًّا حتّى يلزم أن يكون جميع من سواك قائلاً به.