قوله: هُمْ خُفُوْف بتقديم المسند إليه, فقول المصنّف: هذا تفسير الشيء بإعادة لفظه ليس بشيء, واعترض أيضاً[1] بأنّ كون التقديم مفيداً للتخصيص مشروط بكون الخبر فعليًّا على ما سيأتي في نحو: أنا سعيتُ في حاجتك , والخبر ههنا اسم فاعل لأنّ خُفُوفاً جمع خافٍّ بمعنى خفيف, وأجيب بمنع[2] هذا الاشتراط لتصريح أئمّة التفسير بالحصر في قوله تعالى: ﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ﴾ [هود:٩١], ﴿ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٖ﴾ [الأنعام:١٠٧], ﴿وَمَآ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْۚ﴾ [هود:٢٩], ونحو ذلك ممّا الخبر فيه صفة لا فعل, وفيه بحث[3] لظهور أنّ الحصر في قوله: فهُمْ خُفُوْف غير مناسب للمقام, وأجيب أيضاً[4] بأنه لا يريد بالتخصيص ههنا الحصر بل التخصيص بالذكر الذي أشار إليه في قوله: وأمّا
[1] قوله: [واعترض أيضاً إلخ] أي: كما أنّ المصـ اعترض على قول السكّاكيّ: والمراد: هم خُفوف كذلك اعترض على كون التقديم في قول الشاعر: هُمْ خُفُوْف لإفادة التخصيص بأنّ تقديم المسند إليه لا يفيد التخصيص إلاّ إذا كان الخبر فعليًّا, والخبر ههنا أي: في قول الشاعر اسم فاعل إلخ.
[2] قوله: [وأجيب بمنع إلخ] وحاصل الجواب المطالبة من المعترض بتصحيح النقل كأنّ الشارح يقول: ليس أيّها المعترض ما نسبتَ إلى القوم بموجود في كلامهم بل الموجود فيه ما ينافيه وهو تصريحهم بوجود الحصر في قوله تعالى: ﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ﴾ مع أنّ المسند ههنا ليس بفعليّ, والمعنى: أنّ العزيز علينا رهطك لأنهم من أهل ديننا لا أنت يا شعيب, وكذا قوله تعالى: ﴿إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَاۖ﴾ [المؤمنون:١٠٠].
[3] قوله: [وفيه بحث] أي: وفي وجود الحصر في قوله هُمْ خُفُوْف بحث. قوله غير مناسب للمقام إذ الظاهر أنّ الشاعر لم يقصد أنهم خُفُوف لا غيرهم بل المناسب للمقام التقوّي وتحقيقُ أنهم خُفوف.
[4] قوله: [وأجيب أيضاً إلخ] أي: وأجيب عن اعتراض المصـ الذي ذكره بقوله واعترض أيضاً إلخ, وجاء بـأيضاً لئلاّ يتوهّم أنّ هذا جواب عن البحث, وإنّما لم يذكر هذا الجواب متّصلاً بالجواب السابق بل أخّره عن البحث إشارةً إلى أنه جواب عن الاعتراض وعن البحث كليهما, وحاصله أنّ السكّاكيّ لم يُرِد بالتخصيص في قوله ومثلُ إفادة زيادة تخصيص الحصرَ حتّى يرد الاعتراض بأنّ الخبر ههنا ليس بفعليّ فلا يفيد التقديمُ الحصرَ, بل أراد به التخصيص بالذكر وهو لكون الخبر أعني خُفُوْف عامَّ النسبة والمراد تخصيصه بمعيَّن مناسب ههنا, فلا يرد الاعتراض ولا البحث.