سيأتي في أحوال متعلَّقات الفعل أنه لا يتعرّض عند إثبات وقوع الفعل لذكر المسند إليه أصلاً بل يقال: وقع الشرب مثلاً, نَعَم! لو قيل[1] على "المفتاح" لا نسلّم أنّ للتقديم دخلاً في الدلالة على الاستمرار بل إنّما يدلّ عليه المضارع كما سنذكره في بحث لَوْ الشرطيّة إن شاء الله تعالى لكان وجهاً, ومثلُ إفادة[2] زيادة تخصيص كقوله: مَتَى تَهْزُزْ بَنِيْ قَطَنٍ تَجِدْهُمْ * سُيُوْفاً فِيْ عَوَاتِقِهِمْ سُيُوْفٌ * جُلُوْسٌ فِيْ مَجَالِسِهِمْ رِزَانٌ * وَإِنْ ضَيْفٌ أَلَمَّ فَهُمْ خُفُوْفٌ, والمراد: هُم خُفُوف كذا في "المفتاح", أي: محلّ الاستشهاد[3] هو
[1] قوله: [نَعَم! لو قيل إلخ] أي: لا يرد على صاحب "المفتاح" ما أورده صاحب "التلخيص" في "الإيضاح" لما عرفتَ من مراده, نَعَم! لو قيل في الاعتراض عليه: لا نُسلِّم أنّ للتقديم دخلاً في الدلالة على الاستمرار إلخ لكان هذا وجهاً للاعتراض إذ الدالّ على الاستمرار إنّما هو الفعل المضارع سواء قُدِّم أو أُخِّر.
[2] قوله: [ومثلُ إفادة إلخ] عطف على قوله مثلُ إظهار تعظيمه أي: وقد يُقدَّم المسند إليه لأنه يُفيد زيادة تخصيص المسند به كقول الشاعر: مَتَى تَهْزُزْ إلخ الهَزّ التحريك والمراد به الإغراء على الحرب, وبنو قطن قبيلة معروفة, وفي عواتقهم سيوف صفة لـسيوفاً, والعواتق جمع عاتقة وهو موضع الرداء من المنكب, وجلوس جمع جالس خبر لمبتدأ محذوف, وكذا رزان وهو جمع رزين أي: حليم وقور, وفي مجالسهم متعلِّق بـرزان, وضيف فاعل لفعل محذوف يُفسِّره ما بعده, والإلمام النزول, والخفوف جمع خفيف, يصفهم الشاعر بالمضي في الأمور كأنهم سيوف, وبالشَجاعة حيث لم يفارقوا السلاح, وبالسكون والوقار في المجلس, وبالإسراع بأنفسهم في خدمة الأضياف وقِراهم.
[3] قوله: [أي: محلّ الاستشهاد إلخ] هذا تفسير لقوله والمراد: هم خُفوف ردًّا على المصـ حيث اعترض عليه بأنه تفسير لقول الشاعر: هُمْ خُفُوْف فلزم اتّحاد المُفسَّر والمُفسِّر إذ هذا تفسيرٌ للشيء وهو قول الشاعر: هُمْ خُفُوْف بإعادة لفظه وهو قول السكّاكيّ: هُمْ خفوف, وحاصل الردّ أنّ قول السكّاكيّ ليس تفسيراً وتوضيحاً لقول الشاعر: هُمْ خُفُوْف كما فهمه المصـ بل تعيينٌ لمحلّ الاستشهاد بأنّ تقديم المسند إليه فيه لإفادة زيادة التخصيص.