المخرج كـ الجيش و الشجى , وفي التنزيل: ﴿أَلَمۡ أَعۡهَدۡ﴾ [يس:٦٠], ومن البعيده[1] ما هو بخلافه كـ ملع بخلاف علم [2] وليس ذلك[3] بسبب أنّ الإخراج من الحلق إلى الشفة أيسر من إدخاله من الشفة إلى الحلق لما نجد من حُسْن غلب و بلغ و حلم و ملُح , بل هذا أمر ذوقي فكلّ ما عدّه الذوق الصحيح ثقيلاً متعسِّرَ النطق فهو متنافر سواء كان من قُربِ المخارج أو بُعدِها أو غيرِ ذلك, ولهذا[4] اكتفى المصنّف بالتمثيل ولم يتعرّض لتحقيقِه وبيانِ سببه لتعذّر ضبطه فالأولى أنْ يُحال إلى سلامة الذوق, وقد سبق إلى بعض الأوهام[5] أنّ اجتماع الحروفِ المتقارِبةِ المخرَج سبب للثِّقل المُخِلّ
[1] قوله: [ومن البعيده إلخ] أي: ولما نجد من البعيد المخرج ما هو بخلاف غير المتنافر أي: متنافر كـملع, وهذا دليل آخر على الجزء الثاني من الدعوى, حاصله أنه لو كان قرب المخارج منشأ للثقل المُخِلّ لكان بعدها أبعد عن الثقل واللازم باطل بدليل ملع لأنه متنافر فكذا الملزوم.
[2] قوله: [بخلاف علم] دليل على الجزء الأوّل من الدعوى وهو أنه ليس التنافر بسبب بعد المخارج, وحاصل دليله أنه لو كان بعد المخارج منشأ للثقل المُخِلّ لكان مثل علم متنافراً لكونه من البعيد المخرج وإذ ليس فليس, ثمّ الأخصر الأظهر الأصوب في الدليل أن يقال: لما نجد ما هو غير متنافر من القريب المخرج والبعيده كـالجيش وعلم إذ الزاعم يزعم أنّ القرب والبعد كلاهما سبب التنافر.
[3] قوله: [وليس ذلك إلخ] أي: وليس تنافر ملع وعدم تنافر علم بسبب أنّ الإخراج إلخ, وهذا دفع لتوهّم أنه إذا وجد مع بعد المخارج ما يُسهِّل التلفّظ كالإخراج من الحلق إلى الشفة لم يكن اللفظ متنافراً كما في علم وإلاّ يكون متنافراً لا محالة كـملع, وحاصل الدفع أنه لو كان تنافر ملع وعدم تنافر علم بالسبب المذكور لكان مثل بلغ وملح متنافراً لكنّه ليس بمتنافر.
[4] قوله: [ولهذا] أي: ولعدمِ تعيّن السبب المُوجِب للثقل وعدمِ ما يضبطه. قوله ولم يتعرّض إلخ تفسير للاكتفاء بالتمثيل. قوله لتعذّر ضبطه علّة لعدم التعرّض أي: ترك التعرّض له لتعذّر ضبطه. قوله فالأولى إلخ أي: وإذا تعذّر ضبطه فالأولى إلخ.
[5] قوله: [وقد سبق إلى بعض الأوهام إلخ] إشارة إلى العلامة ركن الدين الزوزنيّ. قوله وأنه لا يخرج الكلام إلخ عطفٌ على قوله أنّ اجتماع إلخ, ودفعٌ من جانب الزوزنيّ لما يرد على قوله إنّ اجتماع إلخ من أنه يلزمه أن يكون ﴿أَلَمۡ أَعۡهَدۡ﴾ متنافراً غير فصيح ويلزم من ذلك أن تخرج السورة المشتملة عليه عن الفصاحة واللازم باطل محض فكذا الملزوم, وحاصل الدفع أنّ الكلام الفصيح المشتمل على كلمة غير فصيحة لا يخرج عن كونه فصيحاً كما لا يخرج الكلام العربيّ المشتمل على كلمة غير عربيّة عن كونه عربيًّا فلا تخرج السورة المشتملة عليه عن كونها فصيحة.