بالإخبارات والإنشاءات وبحسبها يكون إنشاءً وخبراً وهي صفة قديمة غير مخلوقة كما في سائر الصفات وهو المنزَّل على الرسول صلّى الله تعالى عليه وسلَّم وإذا صدر على اللسان بالحركة صارت ذات أجزاء لعدم مساعدة اللسان بالتكلّم بالكلام البسيط، والظاهر يختلف باختلاف المظاهر ولا استبعاد فيه فالكلام الإلهي صفة واحدة قائمة بذاته تعالى تختلف تعيّناته بالمحال، وهي في حدّ ذاتها قديمة فإذا نزل على لسان جبريل كساها تعيّنات بها صارت مرتبة فإذا قرأ جبريل غير قارَّة فسمعه الرسول فانحفظت في صدره كما سمع مرتّبة لكن على صفة القرار فالحقيقة واحدة وظهوراتها مختلفة فطوراً تظهر بكسوة وأخرى بأخرى وظهور شيء واحد بتعينات شتّى غير منكر، هذا هو الذي رامه الإمام الهمام أعظم الأئمّة حيث قال في "الفقه الأكبر" -ونقل ما قدمنا ثمّ قال:- أراد باللفظ التلفّظ وهو فعلنا مخلوق ألبتّة أو أراد به كسوة التعيّن الذي اكتساه القرآن على اللِّسان، وهو أيضاً مخلوق لا شكّ فيه واللام في قوله: "القرآن غير مخلوق" للعهد أي: القرآن الذي صفته أنّه مكتوب ومحفوظ ومنزَّل ومقروء غير مخلوق في حدّ نفسه وإن كان تعيّناته التي في الكتابة والقراءة والحفظ والنزول مخلوقة، وقال ذلك الإمام أيضاً فيه بعد تلك العبارة الشريفة: وسمع موسى كلامه، قال الله تعالى: ﴿ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيماً ﴾ [النسآء: ١٦٤] وقد كان الله تعالى متكلّماً ولم يكن كلّم موسى، فلمّا كلّم موسى كلّمه بكلامه الذي هو له صفة في الأزل وهذا الكلام منه رضي الله تعالى عنه