وثانياً: ولو قسّم لم يلزم أيضاً اتّصال أجزاء النجاسة بجميع أجزاء الماء؛ لأنّ الأنصاف على نسبة الأضعاف، فإذا كانت النجاسة قدر أصبعٍ والماء ألف ذراعٍ فنصفها نصف أصبعٍ، وشطره خمس مائة ذراعٍ، وهكذا إلى ما لا يتناهى، وتساوي التقسيم لا يستلزم تساوي الأقسام فيما بينها، ألاَ ترى! أنّ أيام الأبد وسِنيه كلاًّ غير متناهٍ، واليوم لا يساوي السنة أبداً وكفى بهذين لتوجيه النظر ووجهه ش بما توضيحه مع تلخيصه أن لو بنيت المسألة عليه لما تنجس عندنا من الماء إلاّ ما يساوي النجاسة حجماً فقطرة بقطرة ونصفها بنصفها.
أقول: وأيضاً يلزم المعتزلة لو قالوا به تنجيس البحر العظيم بقطيرة.
قال[1]: (على أنّ المشهور أنّ الخلاف في الجزء بين المسلمين والفلاسفة بنوا عليه قِدَم للعالم وعدم حشر الأجساد، والمعتزلة لم يخالفوا أهل السنّة في شيء من ذلك وإلاّ لكفروا) اﻫ.
أقول: ليس نفي الجزء کفراً، ولا لازم المذهب مذهباً، لا سيّما تلک اللوازم البعيدة، وکم من لزوم علی مذاهب المعتزلة القائلين بها قطعاً ثمّ لم يکفروا! فليکن هذا منها فکيف يردّ نقل الثقة علی أنّه يکفي فيه أن يکون قول بعضهم کما قال تعالی:﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ عُزَيۡرٌ ٱبۡنُ ٱللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٠]، قالوا: قالها طائفة قليلة منهم کانت وبانت. قال[2]: (فالأولى ما قيل من بناء المسألة