[٥٧٠] قوله: [1] وصوّروا له صُوراً[2]:
أقول: معلوم أنّ مسح الخفين إنّما جاء في الوضوء دون الغُسل، فأرادوا أن يصوّروا عدم جواز المسح للجنب بأن تمنع الجنابة المحدث عن المسح في وضوؤه لحدثه، وقد كان من شرط جواز المسح كونهما ملبوسَين على طهر تامّ، فلم يتيسّر لهم تصويره إلاّ بارتكاب أمور بعيدة، لكن لم يتم لهم شيء من ذلك، فمنهم مَن قال: لا حاجة إلى التصوير؛ لأنّه منفيّ ولم يصب
[1] في المتن والشّرح: (وهو جائز بسنة مشهورة لمحدث لا لجنب) وحائضٍ، والمنفي لا يلزم تصويره، وفيه أنّ النفي الشرعيّ يفتقر إلى إثباتٍ عقليّ.
وفي ردّ المحتار: (قوله؛ وفيه... إلخ) البحث للقهستاني، بيانه: أنّ النفي الشرعيّ -أي: الذي استفيد من الشرع- يتوقّف على إمكان تصوّر ما نفي به عقلاً، وإلاّ لم يكن مستفاداً من الشّرع، بل من العقل كقولنا: لا تجتمع الحركةُ مع السكون، وصوّروا له صوراً، منها: لو تيمّم الجنب ثم لبِس الخفّ ثم أحدث ووجد ماءً يكفي للوضوء فقط لا يمسح؛ لأنّ الجنابة سرتْ إلى القدَمين، والتيمّم ليس طهارةً كاملةً، ومثله الحائض إذا انقطع دمُها، واعترضه في المجتبى بأنّ ما ذكر غيرُ صحيح؛ لأنّ الجنابة لا تعود على الأصحّ، اﻫ. أقول: أي: لا تعود إلى أعضاء الوضوء ولا غيرها؛ لأنّه لم يَقدر على الماء الكافي، والجنابة لا تتجزّى، فهو محدث حقيقةً لا جنبٌ، وليس الكلام فيه، فاعتراض البحر على المجتبى: بأنّه عاد جنباً برؤيةِ الماء غير وارد كما لا يخفى، فالصحيح في تصويره ما في المجتبى: فيما إذا توضّأ ولبس ثم أجنب ليس له أن يشدّ خفّيه فوق الكعبين، ثم يغتسل ويمسح، اﻫ.
[2] ردّ المحتار، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، ٢/١٨٨، تحت قول الدرّ: وفيه... إلخ.