وفي الليل يزول تغيّرها، فيجري فيها الخلاف لجريان الماء فيها فوق النجاسة، قال في خزانة الفتاوى[1]: ولو كان جميع بطن النّهر نجساً فإن كان الماء كثيراً لا يُرى ما تحته فهو طاهرٌ، وإلاّ فلا، وفي الملتقط: قال بعض المشايخ: الماء طاهرٌ وإن قلّ إذا كان جارياً) اﻫ.
أقول: ما في الملتقط[2] مبتنٍ علی الصحيح المفتی به، وما في الخزانة[3] علی القول الآخر الدائر في کثير من الکتب[4]: إنّ الجاري إن جری نصفه أو أکثر علی نجاسة مرئية تنجّس، وهي المرادة في الخزانة لقول الهندية[5] عن المحيط: (إذا کانت الجيفة تری من تحت الماء لقلّة الماء لا لصفائه کان الذي يلاقيها أکثر إذا کان سدّ عرض الساقية، وإن کانت لا تری أو لم تأخذ إلاّ الأقل من النصف لم يکن الذي يلاقيها أکثر) اﻫ.
وإيّاک أن تظنّ أنّ کلام الخزانة علی ظاهر إطلاقه، ولو تنجّس بطن النَّهر بغير مرئية توهّماً أنّ بطن النهر إذا کان نجساً وهو يری فقد مرّ الماء کلَّه علی نجاسة مرئية وإن کان لا يری لکثرة الماء لا لکدرته، فإنّما جری علی غير مرئية فلا يتأثّر بالتغيّر؛ وذلک لأنّ العبرة بالنجس لا المتنجس کما
[1] خزانة الفتاوى: لأحمد بن محمد بن أبي بكر الحنفي صاحب مجمع الفتاوى (ت٥٢٢ﻫ). (كشف الظنون، ١/٧٠٣).
[2] الملتقط، كتاب الطهارات, صــ٦.
[3] خزانة الفتاوى, كتاب الطهارة, صــ٢، ملتقطاً.
[4] انظر مجمع الأنهر، كتاب الطهارة, فصل الطهارة بالماء، ١/٤٨.
[5] الهندية، كتاب الطهارة, الباب الثالث في المياه, الفصل الأول, ١/١٧.