[قال الإمام أحمد رضا -رحمه الله- في الفتاوى الرضويّة:]
أقول: هذا الذي أبداه من التوفيق، حسن بالقول حقيق فإنّ من وجد في البرية ماءً في أحد جانبيه نجاسةٌ، فهل يؤمر أن يتوضّأ في الطرف الآخر كي يجرّب على نفسه أنّه يتحرّك أم لا؟ فإن وجده يتحرّك فليجتنب، وأيّ شيءٍ يجتنب وقد تلوّث، فإذن ليس المراد إلاّ أن يغلب على ظنّه أنّه إن توضّأ تحرّك، فما في القول الأوّل بيان للمقصود، وما هنا بيان لمعرفه؛ فإنّ خلوص النجاسة أمر باطني، لا يوقف عليه ووصول الحركة يعرفه، فما يظنّ فيه هذا هو المظنون فيه ذاك، وما لا فلا، ثمّ المنقول في البئر إذا انغمس فيها محدثٌ ولو جُنباً نزح عشرين دلواً، ففي ردّ المحتار[1] عن الوهبانية§ [2]: (مذهب محمّد أنّه يسلبه الطّهورية وهو الصّحيح عند الشيخين، فينزح منه عشرون ليصير طهوراً) اﻫ. قال: والمراد بالمحدث ما يشمل الجنب [3].
[1] انظر ردّ المحتار، فصل في البئر، ٢/١٤، تحت قول الدرّ: كآدمي مُحْدث.
§ هو شرح الوهبانيّة كما في ردّ المحتار، ٢/١٤.
(الفتح، ١/٣٠٣، والبحر، ١/٦٠٩، والهندية، ١/٨٣، وردّ المحتار، ٣/٥٢٢).
[2] شرح الوهبانيّة: المسمَّى تفصيل عقد الفوائد [الفرائد] بتكميل قيد الشرائد: لأبي البركات عبد البرّ بن محمّد بن محمّد بن سري الدين بابن الشحنة، الحلبي، الحنفي، (ت٩٢١ﻫ). (كشف الظنون، ٢/١٨٦٥، معجم المؤلفين، ٢/٤٥-٤٦، الأعلام للزركلي، ٣/٢٧٣).
[3] الفتاوى الرضوية، كتاب الطهارة، باب المياه، ٢/٢٥٣-٢٥٤.