(قالوا في غير المرئية يتوضّأ من جانب الوقوع، وفي المرئية لا، وعن أبي يوسف أنّه كالجاري لا يتنجّس إلاّ بالتغيّر، وهو الذي ينبغي تصحيحه؛ لأنّ الدّليل إنّما يقتضي عند الكثرة عدم التنجّس إلاّ بالتغيّر من غير فصل، وهو أيضاً الحكم المجمع عليه على ما قدّمناه من نقل شيخ الإسلام، ويوافقه ما في المبتغى: أنّ ماء الحوض في حكم ماءٍ جار) اﻫ. والعلاّمة نفسه أطال فيه الكلام في رسالته[1] تلك، واحتجّ بالأحاديث والآثار وقال في آخره[2]: (فثبت أنّ ماء الغدران لا يتنجّس إلاّ بالتغيّر سواء كان الواقع فيه مرئياً أو غير مرئي، فالجاري أولى) اﻫ، وقال قبله على قول صاحب الاختيار: إن كانت النجاسة مرئية لا يتوضّأ من موضع الوقوع... إلخ ما نصّه: (يقال له: إذا كان الحكم هذا فأين الأصل الذي ادّعيته وهو أنّ الكثير لا ينجس، وكيف خرج هذا عن دليل الأصل الذي أوردته وهو الحديث... إلخ؟) وقال على قول البدائع: إن كانت مرئيةً لا يتوضّأ من الجانب الذي فيه الجيفة ما نصّه: (كلّه مخالف للأصل المذكور والحديث) اﻫ.
ثُمّ أقول: بل إدارة الأمر عليه يبطل اعتبار العرض؛ فإنّ المناط حينئذ أن يكون بين النجاسة والماء الذي يريد أن يأخذه عشرة أذرع، فإذا وقع النجس في أحد أطراف ذلك الخندق لم يخلص إلى الطّرف الآخر طولاً وإن خلص عرضاً، فيجوز الأخذ من الطول بعد عشرة أذرع وإن لم يجز من