طاهر في الأصل، فلا نحكم بنجاسته بالشكّ) اﻫ.
أقول: معناه أنّ البول يستهلك في الماء فيصير كجزء منه، لكن لا يطهر لنجاسته عيناً، فهذا ماء بعضه نجس غير أنّ الماء الجاري لا يتأثّر بقيته بهذا البعض، وهذا معنى قوله: (لا يخلص بعضه إلى بعض)، فاندفع ما ردّ عليه العلاّمة قاسم في الرسالة[1] بقوله: (هذا ممّا لا يكاد يفهم، ومن نظر تدافع أمواج الأنهار جزم بخلاف مقتضى هذه العبارات) اﻫ، وكأنّه ظنّ أنّ المراد لا يصل بعضه إلى بعض، ولو أريد هذا لم يكن في تدافع الأمواج ما يدفعه؛ فإنّ التموّج حين يوصل الماء الأوّل مكان الثّاني ينقل الثّاني إلى مكان الثالث، فلا يثبت وصول الأوّل إلى الثّاني بل إلى مكانه الأوّل، وبالجملة المقصود حصول هذا المعنى الملحق إيّاه بالجاري، فإذا حصل لحق وصار لا يقبل النجاسة أصلاً، لا أنّه يتنجّس من موضع النّجاسة إلى حيث يخلص بعضه إلى بعض ويبقى الباقي على طهارته حتىّ يجب أن يترك من موضع النجاسة قدر حوضٍ صغيرٍ كما هي رواية الإملاء[2]؛ وذلك لأنّ الماء يتنجّس بالمتنجّس تنجسه بالنجس، فإن صار قدر ما يخلص إليه نجساً كيف يبقى ما بعده طاهراً مع اتصاله به؟ والله تعالى أعلم. هذا وذكر المسألة في البدائع فجعل
[1] اسم هذه الرسالة في البحر، ١/٣٢، وردّ المحتار، ١/٦١٠ والفتاوى الرضوية، ٢/١٣٣: رفع الاشتباه عن مسألة المياه ولكن في كشف الظنون، ١/٩٠٩: رفع الاشتباه عن مسيل المياه: لعلاّمة قاسم بن قطلوبغا (ت٨٧٩ﻫ).
[2] الإملاء: للإمام أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد الأنصاري (ت١٨٢ﻫ). (انظر أسماء الكتب، ١/٥٤).