عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الثاني)

العرض بل هي تبطل اعتبار المساحة رأساً؛ إذ المدار على هذا على الفصل، فلو أنّ خندقاً طوله عشرة أذرع وعرضه شبر وقع في طرف منه نجس جاز الوضوء من الطرف الآخر؛ لوجود الفصل المانع للخلوص، وهذا لا يقول به أحد منّا، ولو وقع النجس في الوسط والغدير عشر في عشر بل عشرون في العشرين إلاّ أصبعاً في الجانبين تنجّس كلّه؛ لأنّ الفصل في كلّ جانبٍ أقلّ من عشر، وكذا إذا كان مائة في مائة، بل ألفاً في ألفٍ،[1] ووقع بفصل عشر في الأطراف، ثم كلّ عشرين في الأوساط قطرة نجس وجب تنجّس الكلّ من دون تغيّر وصف مع كونه عشرة آلاف ذراع بل ألفُ ألفٍ، فالحقّ أنّ المدار هو المقدار، والماء بعده كماء جارٍ، والله تعالى أعلم.

أقول: ويظهر للعبد الضعيف أنّه كان ينبغي أن يجعل هذا هو المقصود بظاهر الرواية أنّ الكثير ما لا يخلص بعضه إلى بعض، واعتبروه بالارتفاع والانخفاض بتحريك الوضوء من ساعته أو الغسل أو الاغتراف أو التكدّر أو سراية الصبغ، والأوّل هو الصّحيح، ويقرّر أنّ المقصود به ليس إلاّ تحصيل جامع بينه وبين الجاري، قال الإمام ملك العلماء في البدائع[2]: (عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه في جاهلٍ بالَ في الماء الجاري، ورجلٌ أسفل منه يتوضّأ به قال: لا بأس به؛ وهذا لأنّ الماء الجاري ممّا لا يخلص بعضه إلى بعض، فالماء الذي يتوضّأ به يحتمل أنّه نجس، ويحتمل أنّه طاهر، والماء


 

 



[1] فتكفي لتنجيس عشرة الآف ذراع خمس وعشرون قطيرة كحبة الجاروس مثلاً ولتنجيس الماء منبسط في ألف ألف ذراع ألفان وخمس مائة. اﻫ منه غفر له.

[2] البدائع، كتاب الطهارة، بيان المقدار الذي يصير به المحل نجساً، ١/٢١٦.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

440