بالفروع التي حكم فيها باستعمال الماء مع بقاء الحدث، فقرّر أنّ إسقاط الفرض أيضاً مؤثّر، واستدلّ عليه بكلام الإمام في كتاب الحسن وبأنّ الأصل الذي عرفنا به هذا الحكم هو مال الزكاة، والثابت فيه ليس إلاّ سقوط الفرض أي: وإن أثبتناه أيضاً بالتقرّب بدليل آخر فالأصل الذي أرشدنا أوّلاً إلى هذا الحكم هو سقوط الفرض، فكيف يعزل النظر عنه! بل يجب القول به، وهذا لا ينافي أنّ الأصول اثنان بل ثلاثة، ينقدح هذا المعنى في ذهن مَن جَمَعَ أوّل كلامه بآخره حيث يقول[1]: (المعلوم من جهة الشارع أنّ آلةً تسقط الفرض وتقام بها القربة تتدنّس، أصله مال الزكاة تدنّس بإسقاط الفرض حتّى جعل من الأوساخ في لفظه صلّى الله تعالى عليه وسلّم... إلخ)، فأفصح أنّ كلا الأمرين مغير، واقتصر في الزكاة على الإسقاط ثُمّ قال[2] في بيان سبب ثبوت الاستعمال: (إنّه عند أبي حنيفة وأبي يوسف كلّ من رفع الحدث والتقرّب، وعند محمّد التقرب، وعند زفر الرفع، لا يقال ما ذكر لا ينتهض على زفر؛ إذ يقول: مجرّد القربة لا يدنّس بل الإسقاط، فإنّ المال لم يتدنّس بمجرّد التقرّب به، ولذا جاز للهاشمي صدقة التطوّع بل مقتضاه أن لا يصير مستعملاً إلاّ بالإسقاط مع التقرّب؛ فإنّ الأصل أعني: مال الزكاة لا ينفرد فيه الإسقاط عنه؛ إذ لا تجوز الزكاة إلاّ بنيّة، وليس هو قول واحد من الثلاثة [يريد أصحاب الأقوال الثلاثة الشيخين ومحمّد أو زفر]، لأنّا نقول: غاية الأمر ثبوت الحكم في الأصل مع المجموع وهو لا يستلزم أنّ المؤثر المجموع، بل ذلك دائر مع