الجملة, هكذا يجب أن يفهم هذا الكلام, وقوله (بلفظ فصيح) ليعمّ المفرد والمركّب وذلك[1] لأنّ اللام في المقصود للاستغراق أي: كلّ ما وقع[2] عليه قصد المتكلّم وإرادته, فلو قيل بكلام فصيح [3] لوجب في فصاحة المتكلِّم أن يقتدر على التعبير عن كلّ مقصودٍ له بكلام فصيح وهذا محال لأنّ من المقاصد ما لا يمكن التعبير عنه إلاّ بالمفرد كما إذا أردت أن تلقي على الحاسب أجناساً مختلفة ليَرْفَع حسبانَها[4] فتقول
[1] قوله: [وذلك إلخ] أي: والعموم للمفرد والمركَّب ممّا لا بدّ منه في هذا المقام لأنّ إلخ. قوله للاستغراق وذلك لعدمِ العهد الخارجيّ وعدمِ قرينة البعضيّة المطلقة وعدمِ صحّة الحكم على نفس الجنس, ولأنّها لو لم تكن للاستغراق لزم أن يكون من له ملكة يقتدر بها على التعبير عن بعض المقاصد كالمدح والترغيب فصيحاً ولو لم يقتدر على التعبير عن بعض آخر كالذم والترهيب واللازم باطل فكذا الملزوم.
[2] قوله: [أي: كلّ ما وقع إلخ] تفسير للاستغراق, وليس المراد بالوقوع الوقوع في الزمان الماضي بل وقوع القصد في أيّ زمان كان لما تقرّر أنّ صيغ الأفعال في التعريفات يراد بها الحدث المجرّد عن الزمان كما في حاشية عبد الغفور على "الفوائد" تحت تعريف الإعراب, فالمعنى أنّ فصاحة المتكلِّم ملَكة يقتدر بها على التعبير عن كلّ ما يتعلَّق به قصده في وقت مّا, وأمّا العلم بوجود بهذه الملَكة في شخص فبطريق الحدس من التعبيرات المختلفة الصادرة منه من غير كلفة, والحدس سرعة الانتقال من المبادي إلى المطالب ويقابله الفكر فإنه حرَكة الذهن نحوَ المبادي ثمّ منها إلى المطالب فلا بدّ فيه من حرَكتين بخلاف الحدس إذ لا حرَكة فيه أصلاً فإنّ الحرَكة تدريجيّة والحدس دفعيّ.
[3] قوله: [فلو قيل بكلام فصيح] أي: مكان قوله بلفظ فصيح. قوله وهذا محال أي: والتعبير عن كلّ مقصود بكلام فصيح مُحال لأنّ إلخ.
[4] قوله: [ليرفع حسبانَها] بصيغة الخطاب أو الغائب أي: لتُبلِغ عددَ تلك الأجناس إلى الحاسب أو ليُبلِغ الحاسب عددَها إلى صاحب المال مثلاً. قوله فتقول دار إلخ فإنك لو قلت في هذا المقام: الأوّل دار والثاني غلام إلخ أو قلت: أكتب داراً إلخ لم يوافق مرادَك وهو إلقاء نفس الأجناس فقط. قوله فلهذا قال بلفظ فصيح أي: ليعمّ المفرد والمركَّب. قوله دون كلام فصيح أي: لئلاّ يلزم المُحال.