لتدخل فيه[1] الكيفيّات المُقتضِية للقسمةِ أو النسبةِ بواسطة اقتضاء محلّها ذلك, والأحسن ما ذكره المتأخِّرون[2] وهو أنه عرض لا يتوقّف تصوّره على تصوّر غيره[3] ولا يقتضي القسمة واللاقسمة في محلّه اقتضاءً أوَّليًّا, ثمّ الكيفيّة[4] إنْ اختصّت بذوات الأنفس تسمّى
[1] قوله: [لتدخل فيه إلخ] أي: فهذا قيد للجامعيّة وما قبله قيود للمانعيّة, ثمّ الكيفيّات المقتضِية للقسمة بواسطة اقتضاء محلِّها القِسمةَ هي الكيفيّات المختصَّة بالكميّات كالاستقامة والانحناء في الكميّات المتّصلة وكالزوجيّة والفرديّة في الكم المنفصل, والكيفيّات المقتضِية للنسبة بواسطة اقتضاء محلّها النسبةَ هي الكيفيّات العارضة للأعراض النسبيّة كالعلم المتعلِّق بالأبوّة, فقوله بواسطة إلخ متعلِّق بقوله المُقتضِية, وقوله ذلك إشارة إلى قوله للقسمةِ أو النسبةِ.
[2] قوله: [والأحسن ما ذكره المتأخِّرون] يفهم منه أنّ ما ذكره القدماء غير أحسن, ووجهه أوّلاً أنّ في لفظ الهيئة خَفاءً بالنسبة إلى لفظ العرض, وثانياً أنّ الزمانَ والفعلَ والانفعالَ والحركةَ من الأين جعلت أو من الكم خارجةٌ بقولهم لا تقتضي قسمةً ولا نسبةً فالقيد الأوّل مستغنًى عنه, وثالثاً أنّ النقطة والوحدة واردتان عليه على مذهب من يجعلهما من الأعراض ويُخرجهما من المقولات التسع قائلاً إنا لم نحصر الأعراض فيها بل حصرنا الأجناس العالية فيها وهما ليستا بجنسين لما تحتهما من الأجناس, وما ذكره الحكماء المتأخِّرون خال عن جميع هذه الوجوه لغير الأحسنيّة فهو الأحسن.
[3] قوله: [لا يتوقّف تصوّره على تصوّر غيره] خرج به جميع الأعراض النسبيّة من الوضع والمتى والملك والأين والإضافة والفعل والانفعال لأنّ تصوّرها يتوقّف على تصوّر الغير. قوله ولا يقتضي القسمة خرج به الكم لإقتضائه القسمةَ سواء كان متّصلاً كالخط والسطح والجسم التعليميّ أو منفصلاً كالعدد. قوله واللاقسمة خرج به الوحدة والنقطة فإنهما تقتضيان اللاقسمة, والوحدةُ كون الشيء بحيث لا ينقسم إلى أمور متشاركة في تمام ذاته, والنقطة نهاية الخط. قوله في محلّه أي: لا يقتضي القسمةَ واللاقسمةَ حال كونه في محلّه, وفائدة هذا القيد الإشارة إلى أنّ عدم اقتضائه ذلك إنّما هو باعتبار الوجود لا باعتبار التصوّر وإلاّ لم يخرج الكم لأنه لا يستلزم تصوّرُه تصوّرَ القسمة واللاقسمة. قوله أوّليًّا أي: ذاتيًّا, وفائدة هذا القيد مثل فائدة قولهم لذاته تأمّل.
[4] قوله: [ثمّ الكيفيّة إلخ] تمهيد لبيان تعريف الملَكة. قوله إن اختصّت بذوات الأنفس أي: بالأنفس الحيوانيّة بأن لم توجد في الجمادات والنباتات كالصحّة والمرض والعلم والإرادة وغيرها. قوله إن كانت إلخ أي: إن كانت الكيفيّة النفسانيّة مستحكمة في موضوعها بأن لا يزول عنه أصلاً أو يتعسّر زوالها تسمّى ملَكة. قوله وإلاّ إلخ أي: وإن لم تكن راسخة تسمّى حالاًّ.