مقتضَيات الأحوال, وبيان ذلك أنّ مقتضَى الحال[1] كما سيجيء اعتبار مناسب للحالِ والمقامِ وهو إمّا أن يكون مختصًّا بأجزاء الجملة[2] أو بالجملتين فصاعداً أو لا يختصّ بشيء من ذلك, أمّا الأوّل[3] فيكون راجعاً إمّا إلى نفس الإسناد ككونه عارياً عن التأكيد أو مؤكَّداً استحساناً أو وجوباً تأكيداً واحداً أو أكثر, أو إلى المسند إليه ككونه محذوفاً أو ثابتاً, معرَّفاً أو منكَّراً مخصوصاً أو غيرَ مخصوص, مصحوباً بشيء من التوابع أو غيرَ مصحوب, مقدَّماً أو مؤخَّراً, مقصوراً على المسند إليه[4] أو غيرَ مقصور إلى غير ذلك,
[1] قوله: [وبيان ذلك أنّ مقتضى الحال إلخ] فيه تنبيه على أنّ مقتضى الحال مناسبٌ للحال أي: أمرٌ يعتبره المتكلِّم مناسباً للمقام لا مُوجَبُه الذي يمتنع تخلّفه عنه فمعنى مقام التنكير مقام يناسبه التنكير ومعنى مقام التعريف مقام يناسبه التعريف وقس على ذلك. قوله كما سيجيء جملة معترضة بين اسم أنّ وخبرها, والكاف الداخلة على ما قد تكون لتشبيه مضمون جملة بمضمون أخرى, وقد تكون للتعليل كما قال الأخفش في قوله تعالى: ﴿كَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِيكُمۡ رَسُولٗا﴾ [البقرة:١٥١] أي: لما أرسلنا, وقد تكون بمعنى لعلّ كما في قول بعض العرب: انتظرني كما آتيك أي: لعلّما آتيك, وقد تكون لقِران الفعلين في الوجود كما في قولك سلّم كما تدخل البيت, وهي ههنا إمّا للتشبيه أو للتعليل.
[2] قوله: [بأجزاء الجملة] الباء ههنا داخلة على المقصور كما هو الشائع في الاستعمال وإن كان الأصل دخولَها على المقصور عليه, فالمعنى إمّا أن لا تتجاوز أجزاءُ الجملة أي: الإسناد والمسند إليه والمسند عن ذلك الاعتبار, وهذا لا ينافي تحقّق ذلك الاعتبار فيما سواها كالمفعول ونحوه.
[3] قوله: [أمّا الأوّل] أي: أمّا الاعتبار المناسب للمقام المختصّ بأجزاء الجملة. قوله إلى نفس الإسناد إن جعل الإسناد جزءَ الجملة فظاهر, وعدّ الجملة على هذا من أقسام اللفظ باعتبار أكثر أجزائها, وإن لم يجعل جزءَ الجملة بل جعل شرطاً لها فالمراد بالأجزاء أعمّ من الأجزاء وما في حكمها ممّا لا تنعقد الجملة بدونه. قوله تأكيداً واحداً أو أكثر تفصيل لقوله وجوباً. قوله مخصوصاً صفة لقوله منكَّراً. قوله مصحوباً خبر بعد خبر لقوله ككونه وكذا ما بعده.
[4] قوله: [على المسند إليه] أي: على المسند الذي أسند إلى ذلك المسند إليه. قوله أو غيرَ مقصور أي: على المسند إليه. قوله إلى غير ذلك ككونه مضمراً موضع المظهر وكونه مظهراً موضع المضمر.