لأنّ الذكاء[1] شدّةُ قوّةٍ للنفس مُعدَّةٍ لاكتساب الآراء, وتسمّى هذه القوّة الذهنَ, وجودةُ تهيّؤها لتصوّر ما يرد عليها من الغير الفطنةُ, والغباوة عدم الفطنة عمّا من شأنه أن يكون فَطِناً, فمقابل الغبيّ هو الفَطِن[2] (ولكلّ كلمة مع صاحبتها) أي: مع كلمة أخرى صُوحبت معها (مقام) ليس لها[3] مع ما يشارك تلك الصاحبةَ في أصل المعنى مثلاً الفعل الذي[4] قصد اقترانه بالشرط فله مع كلّ من أدوات الشرط مقام ليس له مع الآخر, ولكلّ من أدوات الشرط مثلاً[5] مع الماضي مقام ليس له مع المضارع,..............................................
[1] قوله: [لأنّ الذكاء إلخ] إشارةٌ إلى الفرق بين الذكاء والفطنة وتعليلٌ للأنسبيّة المذكورة, وحاصله أنّ الذكاء بالنسبة إلى اكتساب الآراء والأفكار ويقابله البلادة, والفطنة بالقياس إلى فهم كلام الغير ويقابله الغباوة, فمقابل الغبيّ هو الفَطِن. قوله شدّة قوّةٍ للنفس وغايتها هو الحدس. قوله وجودةُ تهيّؤها أي: وجودةُ صلاحيّة تلك القوّة, وهذا مبتدأ خبره قوله الفطنةُ. قوله من الغير أي: من جانب الغير.
[2] قوله: [فمقابل الغبيّ هو الفَطِن] أي: لا الذكيّ, وهذا تفريع على الفرق المذكور بين الذكاء والفطنة, وقد عرفت الاعتذار من جانب المصـ. قوله صوحبت معها اعلم أنّ المصاحبة تتعدّى إلى مفعول واحد بنفسه وبـمع نحو صاحبت زيداً أو مع زيد, ولا تتعدّى إلى مفعولين أحدهما بلا واسطة والثاني بالواسطة, فتعديتها هنا إلى المفعول الثاني بالواسطة لتضمينها معنى الجعل أي: جعلت الكلمة الأخرى مصاحبة معها, ففيه إشارة إلى أنّ المعتبر هي المصاحبة القصديّة لا الاتّفاقيّة.
[3] قوله: [ليس لها إلخ] أي: ليس ذلك المقام لتلك الكلمة مع كلمة تشارك تلك الصاحبة في أصل المعنى, وهذا الحصر مستفاد من تقديم المسند أعني قوله لكلّ كلمة, والمراد بأصل المعنى القدر المشترك بين الكلمتين كالشرط بين كلمات الشرط والاستفهام بين كلمات الاستفهام.
([4]) قوله: [مثلاً الفعل الذي إلخ] توضيح المقام بالمثال. قوله بالشرط إن أريد به فعل الشرط فالمراد بالفعل الذي قصد اقترانه به الجزاء, وإن أريد به أداة الشرط فالمراد بالفعل الفعل الذي هو الشرط.
[5] قوله: [ولكلّ من أدوات الشرط مثلاً إلخ] هذا بيان لمقامات أدوات الشرط مع الفعل, والذي قبله كان بياناً لمقامات الفعل مع أدوات الشرط.