عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

لغير علاّم الغيوب ممنوع كما مرّ, وكثير[1] من مَهَرَة هذا الفنّ تراه لا يقدر على تأليف كلام بليغ فضلاً عمّا هو في الطرف الأعلى (وما يقرب منه) ظاهر هذه العبارة[2] أنّ الطرف الأعلى هو حدّ الإعجاز وما يقرب من حدّ الإعجاز, وهو فاسد لأنّ ما يقرب منه[3] إنّما هو من المراتب العليّة ولا جهة لجعله[4] من الطرف الأعلى الذي إليه تنتهي البلاغة إذ المناسب أن يؤخذ ذلك حقيقيًّا كالنهاية أو نوعيًّا كالإعجاز, فإن قيل[5] المراد أنّ الطرف الأعلى حدّ الإعجاز في كلام غير البشر وما يقرب منه في كلام البشر فالأوّل حدّ لا يمكن


 



[1] قوله: [وكثير إلخ] أي: ولو سلِّم الإتقان والإحاطة بهذا العلم للبشر لا نسلِّم ترتّب رعاية الاعتبارات عليه إذ كثير من مَهَرَة الفنّ لا يقدر على تأليف كلام بليغ فضلاً عن تأليف كلام هو في الطرف الأعلى.

[2] قوله: [ظاهر هذه العبارة إلخ] لأنّ الظاهر أنّ قوله ما يقرب منه معطوف على قوله حدّ الإعجاز وأنّ ضمير منه راجع إلى حدّ وذلك لقرب المعطوفِ عليه والمرجعِ فيكون معنى العبارة: أنّ الطرف الأعلى شيئان أحدهما حدّ الإعجاز والثاني ما يقرب من حدّ الإعجاز, وهذا فاسد.

[3] قوله: [لأنّ ما يقرب منه] أي: من حدّ الإعجاز. قوله إنّما هو من المراتب العليّة لأنّ الحدّ بمعنى المرتبة وما يقرب من مرتبة الإعجاز لا يكون داخلاً فيها فلا يكون من الطرف الأعلى.

[4] قوله: [ولا جهة لجعله إلخ] دفع لما يقال إن ما يقرب من حدّ الإعجاز وإن لم يكن من الطرف الأعلى بالنسبة إلى ما فوقه لكنه منه بالنسبة إلى ما تحته فيجوز إدخاله فيه فلا فساد في ظاهر عبارة المتن, وحاصل الدفع أنه لا يجوز ذلك لأنّ المناسب أن يؤخذ الطرف الأعلى الذي هو منتهى البلاغة حقيقيًّا أو نوعيًّا والمنتهَى الحقيقيُّ جزئيّ من جزئيّات البلاغة لا جزئيّ فوقه والمنتهَى النوعيُّ نوع من أنواع البلاغة لا نوع فوقه وهو الإعجاز, وظاهر أنّ ما يقرب من حدّ الإعجاز ليس شيئاً منهما.

[5] قوله: [فإن قيل إلخ] القائل سيف الدين الأبهريّ لدفع الفساد عن ظاهر عبارة المتن, وحاصله أنّ المراد بالطرف الأعلى منتهًى نَوعِيٌّ للبلاغة والحدّ بمعنى المرتبة, فحدّ الإعجاز منتهًى نوعيّ لبلاغة الكلام لا يمكن للبشر معارَضتُه, وما يقرب من حدّ الإعجاز أيضاً منتهى نوعيّ لا يمكن للبشر تجاوزُه, فقد دخل ما يقرب من حدّ الإعجاز في الطرف الأعلى فلا فساد في ظاهر العبارة.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400