حقّها إلاّ أن يكون ذلك المتكلِّم[1] بحيث يُورِد كلَّ تركيب له في المَورِدِ الذي يليق به والمقامِ الذي يناسبه[2] بأن يَستعمِل مثلاً إنّ زيداً قائم إذا كان المخاطَب شاكًّا أو مُنكِراً, و والله إنه لقائم فيما إذا كان مُصِرًّا, و زيداً ضربتُ فيما إذا كان المخاطَب حاكماً حكماً مشوباً بصواب وخطأ, لأنّ خاصيّةَ[3] إنّ زيداً قائم أن يكون لنفي شكّ أو ردّ إنكار, وخاصيّةَ[4] زيداً ضربتُ أن يكون لحصر وتخصيص إلى غير ذلك, فتوفيتها حقَّها[5]
[1] قوله: [إلاّ أن يكون ذلك المتكلِّم إلخ] وذلك لأنّ معنى توفية خواصّ التراكيب حقّها إعطاء حقّها وافياً, وذلك بإيراد تراكيب نفسه مطابِقةً لما يقتضيه الحال, وإنّما زاد لفظ بحيث إشارة إلى أنه لا يلزم الإيراد بالفعل بل يكفي الاقتدار عليه فيؤل معنى تعريف بلاغة المتكلِّم ببلوغ المتكلِّم حدًّا له اختصاص إلخ إلى أنها ملَكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ.
[2] قوله: [والمقامِ الذي يناسبه] عطف تفسير لما قبله. قوله بأن يَستعمِل إلخ تصوير لإيراد كلّ تركيب له في المقامِ الذي يناسبه. قوله ووالله إلخ أي: ويَستعمِلَ مثلاً والله إنه لقائم إذا كان المخاطَب مُصِرًّا على إنكار قيامه. قوله وزيداً ضربتُ أي: وأن يَستعمِل زيداً ضربتُ إذا كان المخاطَب حاكماً حكماً مشوباً أي: مخلوطاً بصواب وخطأ كأن يحكم بأنك ضربتَ إنساناً وأنه غير زيد فهو مصيب في أنك ضربت إنساناً ومخطئ في أنه غير زيد.
[3] قوله: [لأنّ خاصيّةَ إلخ] تعليل لأنّ المتكلِّم إذا استعمل تركيب إنّ زيداً قائم مثلاً في مقام شكّ المخاطَب في قيام زيد لنفي شكّه أو في مقام إنكاره إيّاه لردّ إنكاره كان المتكلِّم مُوفِياً خاصيّةَ هذا التركيب حقَّه وهو كونه لنفي شكّ أو لردّ إنكار.
[4] قوله: [وخاصيّةَ إلخ] عطفٌ على قوله خاصيّةَ تعليلٌ لأنّ المتكلِّم إذا استعمل تركيب زيداً ضربتُ مثلاً في مقام كون المخاطَب حاكماً حكماً مشوباً بصواب وخطأ لحصر ضربك على زيد لردّ خطأ المخاطَب في ذلك كان المتكلِّم مُوفِياً خاصيّةَ هذا التركيب حقَّه وهو كونه للحصر والتخصيص. قوله إلى غير ذلك أي: وقس على ذلك خواصَّ التراكيب الأخرى.
[5] قوله: [فتوفيتها حقَّها إلخ] أي: فتوفية خواصّ التراكيب حقّها إلخ, وهذا تفريع على ما تقدّم ونتيجة له. قوله وهذا بعينه إلخ أي: وإيراد التركيب في مَورِده وفيما هو له بعينه معنى تطبيق الكلام لمقتضى الحال, فتعريف السكّاكي علمَ المعاني رَجَع إلى تعريف المصـ إيّاه والاختلاف بينهما عنوانيّ, إن قيل قد ذكر الشارح في شرح "المفتاح" أنّ معنى التطبيق أعمّ من إيرادِ كلامه على ما ينبغي وحملِ كلام الغير على ما ينبغي, والتوفية خاصّ بالإيراد فكيف يكون هذا بعينه معنى تطبيق الكلام لمقتضى الحال! قيل المراد أنّ هذا بعينه معنى التطبيق إذا كان التطبيق بالإيراد.