المشكوك[1] ليس بخبر ليكون صادقاً أو كاذباً لأنه لا حكم معه ولا تصديق بل هو مجرّد تصوّر كما صرّح به أرباب المعقول, لأنا نقول[2]: لا حكم ولا تصديق للشاكّ بمعنى أنه لم يُدرِك وقوعَ النسبة أو لاوقوعَها وذهنه لم يحكم بشيء من النفي والإثبات لكنّه إذا تلفّظ بالجملة الخبَريّة وقال: زيد في الدار مثلاً مع الشكّ فكلامه خبَر لا محالة, بل إذا تيقّن[3]
[1] قوله: [لا يقال: المشكوك إلخ] إشارة إلى جواب آخر من جانب النظام وهو أنّ المشكوك ليس بخبر فلا بأس بخروجه من الصادق والكاذب, ويرد به على المعترض والمُجيب أنّ كلّ واحد منهما معترف بكون المشكوك خبراً كما هو ظاهر من الاعتراض والجواب مع أنه ليس بخبر أصلاً حتّى يرد به الاعتراض ويحتاج إلى الجواب. قوله لأنه لا حكم معه تعليل لقوله ليس بخبر. قوله ولا تصديق عطف تفسير, وفيه إشارة إلى أنّ الحكم الذي هو مدلول الخبر بمعنى الإيقاع والانتزاع. قوله كما صرّح به إلخ أي: كما صرّح المناطقة بأنه لا حكم ولا تصديق للشاكّ.
[2] قوله: [لأنا نقول إلخ] تعليل للنفي في قوله لا يقال إلخ, وحاصله أنّ المشكوك ليس خبراً عند المُخبِر الشاكّ لأنه لم يُدرِك وقوعَ النسبة ولاوقوعَها ولم يحكم بشيء من الإثبات والنفي لكنه بالنسبة إلى السامع خبر البتّة لأنه كلام مشتمل على الإسناد وليس بإنشاء فيكون خبراً لا محالة وإلاّ لبطل انحصار الكلام في الخبر والإنشاء وهو باطل فكذا الملزوم.
[3] قوله: [بل إذا تيقّن إلخ] بل للترقّي, أي: إذا تيقّن المتكلِّم بما يناقض لما يُفهَم من كلامه بأن تيقّن مثلاً أنّ زيداً ليس في الدار وقال زيد في الدار فكلامه خبر لصدق تعريف الخبر عليه وهو كلام يكون لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه إذ لم يشترط فيه كون تلك النسبة في اعتقاد المتكلِّم, فالمشكوك أحقّ بأن يكون خبراً لاستواء الطرَفين فيه.