فالتكذيب راجع إلى قولهم: نشهد باعتبار تضمّنه خبراً كاذباً وهو أنّ شهادتنا هذه عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد بشهادة إنّ [1] واللامِ والجملةِ الاسميّة, ولا شكّ أنه غير مطابق للواقع لكونهم المنافقين الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم, وما قيل[2]: إنه راجع إلى قولهم: نشهد وإنه خبر غير مطابق للواقع ليس بشيء لظهور[3] أنه ليس بخبر بل إنشاء (أو) المعنى أنهم لكاذبون[4] (في تسميتها) أي: في تسمية هذا الإخبار الخالي عن المواطأة شهادة لأنّ المواطأة مشروطة في الشهادة, وفيه نظر[5] لأنّ مثل هذا يكون
[1] قوله: [بشهادة إنّ إلخ] دفع لما يتوهّم من أنه ليس في كلامهم ادّعاء المُواطاة فكيف يكون التكذيب راجعاً إليه, وحاصل الدفع أنّ إيراد هذه التأكيدات يدلّ على الادّعاء المذكور لأنها تأكيدات للازم فائدة الخبر وهو علمهم بهذا الخبر لأنّ المخاطَب منكر له فيكون تأكيداً للخبر الضمنيّ في نشهد.
[2] قوله: [وما قيل إلخ] ردّ على العلاّمة الشيرازيّ حيث قال في تفسير قوله ورُدّ بأنّ المعنى لكاذبون في الشهادة: معناه أنا نمنع رجوع التكذيب إلى المشهود به لمَ لا يجوز رجوعه إلى قولهم نشهد لأنه خبر غير مطابق للواقع, وحاصل الردّ ظاهر.
[3] قوله: [لظهور إلخ] تعليل لكون القيل ليس بشيء. قوله ليس بخبر لأنه لو كان خبراً لاقتضى وجودَ شهادة أخرى منهم يخبرون بهذا القول عنها ولم توجد تأمّل. قوله بل إنشاء أي: وإذ كان إنشاء لم يصحّ رجوع التكذيب إليه, إن قيل كيف يكون نشهد إنشاء مع أنّ الشهادة ليست بمعدودة في أقسام الإنشاء, قيل إنه إنشاء معنى خبر صورةً, والأقسام المعدودة للإنشاء هي أقسام للإنشاء صورة ومعنى.
[4] قوله: [المعنى أنهم لكاذبون] إشارة إلى أنّ قوله في تسميتها عطف على قوله في الشهادةِ. قوله أي: في تسمية إلخ إشارة إلى أنّ التسمية في قوله تسميتها مصدر مضاف إلى مفعوله الثاني ومفعوله الأوّل محذوف وهو هذا الإخبار أي: إنهم كاذبون في تسميتهم هذا الإخبار شهادة. قوله الخالي عن المُواطأة في توصيف الإخبار به إشارة إلى علّة الكذب في التسمية. قوله لأنّ المُواطأة مشروطة في الشهادة تصريح بدليل الكذب في التسمية بعد الإشارة إليه في التوصيف.
[5] قوله: [وفيه نظر] أي: وفي رجوع التكذيب إلى التسمية لعدم المُواطأة نظر. قوله لأنّ مثل هذا إلخ بيانٌ لوجه النظر, حاصله أنّ الكذب لا يدخل إلاّ في النِسَب الخبَريّة والتسميةُ وصف من أوصاف المُسمِّي فلا يتّصف بالكذب وإنّما يتّصف مثله بالغلَط في إطلاق اللفظ, وجوابه أنّ كون التسمية كذباً باعتبار تضمّنها حكماً خبريًّا وهو أنّ إخبارهم هذا يُسمّى شهادة وهذا خلاف الواقع.