عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

وفي تقرير مذهب النظام[1] وقد وقع ههنا في شرح "المفتاح"[2] ما يُقضَى منه العَجَب[3] واستدلّ الجاحظ[4] (بدليل) قوله تعالى: ﴿أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِۦ جِنَّةُۢ[سبأ:٨]) لأنّ الكفّار حصروا[5] إخبار النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم بالحشر والنشر في الافتراءِ والإخبارِ حالَ الجِنّة على سبيل منع الخُلو (و) لا شكّ (أنّ المراد بالثاني) أي: الإخبار حالَ الجِنّة[6]


 



[1] قوله: [وفي تقرير مذهب النظام] أي: وكثيراً يقع الخبط في تقرير مذهب النظام, وذلك لأنه نفى بعضهم كونَ المشكوك واسطة عند النظام بأنّ المشكوك ليس بخبر مع أنه خبر كما مرّ, وهل يلزم الواسطة به عند النظام أو لا فمختار الشارح فيه أنه إن اعتبر الاعتقاد في الكذب فالواسطة لازمة البتّة وإن لم يعتبر لم تلزم الواسطة وكان المشكوك كاذباً كما مرّ.

[2] قوله: [وقد وقع ههنا في شرح "المفتاح" إلخ] إشارة إلى ما ذكره العلاّمة قطب الدين الشيرازيّ في شرحه لـ"المفتاح" من أنّ قول صاحب "المفتاح": وعند بعض إلى طباقِ الحكم لاعتقادِ المُخبِر أو ظنِّه أو لاطباقِه لذلك مذهبُ الجاحظ, ثمّ قال: ههنا مذهب آخر في غاية السخافة وهو أنّ الخبر إن طابق الاعتقاد فصدق وإلاّ فكذب, وقال: وإطلاقُ المصـ الحكمَ وسِياقُ كلامه يدلاّن على أنه يريد هذا المذهب, فيقول شارحنا قد وقع للشارح العلاّمة في هذا المقام خبط عظيم لأنّ صاحب "المفتاح" إنّما ذكر مذهبَ النظام وقد قرّره شارحه العلاّمة موافقاً لمذهب الجاحظ بأن جعل قوله الحكم إشارةً إلى الحكم المطابق للواقع وجعل ضمير لاطباقِه للحكم الغير المطابق للواقع فتأمّل.

[3] قوله: [ما يُقضَى منه العَجَب] قضاء العَجَب إتمامه أي: ما يتعجّب منه كلّ التعجّب حتّى لا يبقى بل يفني الكلّ, ويجوز أن يكون من قَضَاه أي: أحكمه, أو من قضيتُ كذا بمعنى فعلته.

[4] قوله: [واستدلّ الجاحظ] يتبيّن غرضه ممّا ذكرنا تحت قوله وتمسّك النظام.

[5] قوله: [لأنّ الكفّار حصروا إلخ] تقرير لاستدلال الجاحظ بالآية. قوله بالحشر والنشر كما يدلّ عليه قوله تعالى: ﴿هَلۡ نَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ يُنَبِّئُكُمۡ إِذَا مُزِّقۡتُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمۡ لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍ الآية.

[6] قوله: [أي: الإخبار حالَ الجِنّة] ردٌّ على من قال المراد بالثاني أم به جِنّة وذلك لأنه استفهام لا يتّصف بالصدق ولا بالكذب ونفي إرادة الصدق والكذب عنه ينبئ عن صلاحيّته للاتّصاف بهما, ودفعٌ لتوهّم أنه إنشاء خارج عن الخبر فلا يثبت به الواسطة بين الخبر الصادق والكاذب.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400