عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

(غير الكذب لأنه قسيمه) أي: لأنّ الثاني قسيم الكذب إذ المعنى: أ كذب أم أخبر حال الجنة, وقسيم الشيء يجب أن يكون غيره (وغير الصدق لأنهم لم يعتقدوه) أي: الصدق, فعند إظهار تكذيبه[1] لا يريدون بكلامه الصدقَ الذي هو بمراحل عن اعتقادهم, ولو قال: لأنهم اعتقدوا عدمه لكان أظهر[2] وأيضاً لا دلالة[3] لقوله تعالى: ﴿ أَم بِهِۦ جِنَّةُۢ﴾ على معنى أم صدق بوجهٍ من الوجوه فلا يجوز أن يُعبَّر به عنه, فمرادهم بكون كلامه خبراً حالَ الجِنّة غير الصدق وغير الكذب, وهم عُقَلاء من أهل اللسان[4] عارفون باللغة فيجب أن يكون من الخبر[5] ما ليس بصادق ولا كاذب ليكون هذا منه بزعمهم وإن كان صادقاً في


 



[1] قوله: [فعند إظهار تكذيبه إلخ] إشارة إلى دفع ما أورد على المتن من أنّ الدليل وهو قوله لأنهم لم يعتقدوه لا يُثبِت الدعوى وهو كونه غير الصدق لأنه لا يلزم من عدم اعتقاد الصدق عدم الصدق, وحاصل الدفع أنّ قوله غير الصدق معطوف على قوله غير الكذب فيدخل تحت الإرادة فقوله لأنهم لم يعتقدوه دليل على عدم إرادة الصدق لا على عدم الصدق أي: ولمّا لم يعتقد الكفّار صدقَ كلام النبيّ عليه الصلاة والسلام كيف يريدون الصدقَ في كلامه عند إظهارهم تكذيبَه.

[2] قوله: [لكان أظهر] في الدلالة على أنّ المراد غير الصدق من قوله لأنهم لم يعتقدوه, وذلك لأنّ عدم اعتقادهم صدقه يستلزم عدمَ إرادتهم صدقَه وهو يستلزم إرادتهم غير الصدق فيكون ما قال المصـ مستلزماً لإرادتهم غيرَ الصدق بالواسطة, وأمّا اعتقاد عدم صدقه فمستلزم لإرادتهم غيرَ الصدق بلا واسطة فيكون لأنهم اعتقدوا عدمه أظهر دلالة عليه من لأنهم لم يعتقدوه.

[3] قوله: [وأيضاً لا دلالة إلخ] بيانٌ لوجه آخر لعدم إرادتهم الصدق, وحاصله ظاهر. قوله بوجهٍ من الوجوه أي: بطريق من طرق الدلالة, وهذا متعلِّق بالدلالة. قوله فلا يجوز أن يُعبَّر به عنه أي: أن يُعبَّر بقوله أم به جِنّة عن إرادة الصدق. قوله فمرادهم إلخ تفريعٌ على تطبيق الدليل على الدعوى.

[4] قوله: [وهم عُقَلاء من أهل اللسان إلخ] دفعٌ لتوهّم أنّ الواسطة إنّما لزمت من قول الكفّار ولا عبرة بقولهم فالاستدلال بقولهم لا يُسمِن ولا يُغنِي من جوع, وحاصل الدفع أنّ الاعتماد في أمثال هذا على اللسان واللغة وهم عقلاء أهل اللسان واللغة فيعتبر قولهم في أمثال المقام وإن لم يعتبر في جميع المقامات.

[5] قوله: [فيجب أن يكون من الخبر إلخ] أي: وإذا ثبت أنّ الإخبار حالَ الجِنّة لا يجعلونه كاذباً ولا صادقاً فيجب أن يكون بعض الخبر إلخ. قوله ليكون هذا منه أي: ليكون الإخبار حالَ الجِنّة ممّا ليس بصادق ولا كاذب, وإنّما قال في زعمهم لأنّ جميع أخبار النبيّ صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وبارك وسلّم صادقة في نفس الأمر ولا جِنّة به وإنّما الجِنّة بهؤلاء الكفّار خزلهم الله أنى يؤفكون.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400