نفس الأمر, فعُلِم[1] أنّ الاعتراض بأنه لا يلزم من عدم اعتقاد الصدق عدم الصدق ليس بشيء لأنه لم يَجعَل عدمَ اعتقاد الصدق دليلاً على عدم كونه صادقاً بل على عدم إرادتهم كونه صادقاً على ما قرَّرنا والفرق ظاهر[2] (ورُدّ) هذا الدليل (بأنّ المعنى) أي: معنى أم به جنة [3] (أم لم يَفتَرِ فعُبِّر عنه) أي: عن عدَم الافتراء (بالجِنّة لأنّ المجنون) يلزمه أنْ[4] (لا افتِراء له) لأنه الكذب عن عمَدٍ ولا عمَد للمجنون, والثاني ليس قسيماً للكذب[5] بل لِما هو أخصّ منه أعني الافتراء فيكون هذا حصراً للخبر الكاذب في نوعيه أعني الكذب
[1] قوله: [فعُلِم إلخ] تفريعٌ على قوله عند تطبيق الدليل على الدعوى: فعند إظهار تكذيبه إلخ وتصريحٌ بما عُلِم ضمناً, وقد مرّ تقريرُ الاعتراض وبيانُ حاصل دفعه تحت قوله المذكور.
[2] قوله: [والفرق ظاهر] أي: والفرق بين عدم كونه صادقاً وبين عدم إرادتهم كونه صادقاً ظاهر, وعدم اعتقادهم الصدق وإن لم يكن دليلاً على عدم كونه صادقاً لكنه دليل على عدم إرادتهم كونه صادقاً, والمصـ لم يجعله دليلاً على الأوّل بل جعله دليلاً على الثاني, فلا اعتراض.
[3] قوله: [أي: معنى أم به جِنّة] إشارة إلى أنّ اللام في المعنى للعهد أو عوض عن المضاف إليه.
[4] قوله: [يلزمه أنْ إلخ] فيه إشارة إلى أنّ التعبير بـأم به جِنّة عن أم لم يَفتَرِ كناية من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم فإنّ المجنون يلزمه عدم الافتراء لأنّ الافتراء كذب عن عمد ولا عمد للمجنون.
[5] قوله: [والثاني ليس قسيماً للكذب إلخ] ردّ على قول المستدلّ: إنّ المراد بالثاني غير الكذب لأنه قسيمه وحاصل الردّ أنه إن أراد أنه قسيم مطلق الكذب كما هو المتبادر فلا نسلِّم ذلك بل هو قسيم لِما هو أخصّ من مطلق الكذب وهو الافتراءُ والكذبُ عن عمَد فيكون المراد به عدمَ الافتراء والكذبَ لا عن عمَد فيكون قولهم هذا حصراً للخبر الكاذب في نوعيه وهما الكذب عن عمد والكذب لا عن عمد ولا يثبت به الواسطة بين الصادق والكاذب, وإن أراد أنه قسيم للكذب عن عمَد فمسلَّم لكنه لا يلزم منه أن يكون المراد بالثاني غير مطلق الكذب فإنّ الكذب عن عمد أخصّ ومطلق الكذب أعمّ ولا يلزم من كون الشيء قسيماً للأخصّ كونه قسيماً للأعمّ فتأمّل.