مجازاً إلى العقل على هذا بنفسه بلا واسطة وعلى قولهما لاشتماله على ما يُنسَب إلى العقل أعني الإسناد يعني أنّ تسمية[1] الإسناد حقيقةً عقليّةً إنّما هي باعتبار أنه ثابت في محلّه ومجازاً باعتبار أنه متجاوز إيّاه والحاكم بذلك هو العقل دون الوضع لأنّ إسناد كلمة إلى كلمة شيء يحصل بقصد المتكلّم دون واضع اللغة فإنّ ضَرَبَ مثلاً لا يصير خبراً عن زيد بواضع اللغة بل بمَن قصد إثباتَ الضرب فعلاً له, وإنّما الذي يعود إلى الواضع أنه لإثبات الضرب دون الخروج وفي الزمان الماضي دون المستقبل, فالإسناد ينسب إلى العقل بلا واسطة والكلام ينسب إليه باعتبار أنّ إسناده منسوب إليه, فإن قيل[2]: لِم لَم يَذكُر بحثَ الحقيقة والمجاز العقليّين في علم البيان كما فعله صاحب "المفتاح" ومن تَبِعه؟ قلنا: قد زَعَم أنه داخل في تعريف علم المعاني دون البيان, فكأنه مبنيّ على أنه من الأحوال
[1] قوله: [يعني تسمية إلخ] دفعٌ لما يرد من أنه لا يصحّ تسمية الإسناد بحقيقةٍ عقليّةٍ ومجازٍ عقليٍّ بل ينبغي أن يُسمَّى بحقيقةٍ وضعيّةٍ ومجازٍ وضعيٍّ لأنّ النسبة إلى الفاعل مأخوذة في مفهوم الفعل فكونُ الإسناد إليه حقيقة وإلى غيره مجازاً يكون مستفاداً من الوضع لا من العقل, وحاصل الدفع أنّ تعيين الفاعل منسوبٌ إلى قصد المتكلِّم ومُفوَّضٌ إليه وهو مناط كونه حقيقة أو مجازاً والعائد إلى الواضع إنّما هو تعيين المعنى وأنه لإثبات الحدث المقترن بالزمان للفاعل فالحاكم بأنّ الإسناد ثابت في محلّه أو متجاوز إيّاه إنّما هو العقل دون الوضع.
[2] قوله: [فإن قيل إلخ] اعتراض على المصـ بأنه قد خالف السكّاكيَّ بذكر بحث الحقيقة والمجاز في علم المعاني مع أنه ومن تبعه قد ذكروه في علم البيان. قوله قلنا إلخ جواب عن الاعتراض, وحاصله أنّ مخالفته مبنيّة على زعمه أنّ الحقيقة العقليّة والمجاز العقليّ من الأحوال التي يطابق بها اللفظ مقتضَى الحال كالتأكيد والتجريد فذكر التأكيد ونحوه في المعاني دون الحقيقة والمجاز العقليَّينِ تحكّم.