صدقِ رغبةٍ ووُفورِ نَشاطٍ وهو رائج عنهم مُتقبَّل منهم فكان مَظِنّةً للتحقيق ومِئْنَةً للتوكيد, وقد يُؤكَّد[1] الحكم بناءً على أنّ المُخاطَب يُنكِر كون المتكلِّم عالماً به معتقِداً له كما تقول: إنك لعالم كامل وعليه قوله تعالى[2]: ﴿قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ﴾ [المنافقون:١], وإذا أردتَ[3] أن تُنبِّه المُخاطَب على أنّ هذا المتكلّم كاذب في ادّعاء أنّ هذا الخبر على وفق اعتقاده تؤكِّد الحكم وإن لم يكن مخاطَبك مُنكِراً ليطابق ما ادّعاه, وعليه قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ﴾, وأمّا قوله تعالى[4]: ﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ﴾ فإنّما أكّد لأنه ممّا يجب أن يبالغ في تحقيقه لأنه لدفع الإيهام وإلاّ فالمُخاطَب عالم به وبلازمه, فتأمَّلْ واستَخرِجْ
[1] قوله: [وقد يُؤكَّد إلخ] بيانٌ لفائدة أخرى لتأكيد الحكم يعني قد يُؤكَّد الحكم المسلَّم لصدق رغبة المتكلِّم فيه وقد يُؤكَّد الحكم لكون المُخاطَب منكِراً للازم فائدة الخبر.
[2] قوله: [وعليه قوله تعالى: إلخ] فإنّ المخاطَب وهو الرسول عليه الصلاة والسلام عالم بهذا الحكم أي: بكونه رسول الله لكنه يُنكِر لازمَ الحكم أي: كونَ المنافقين معتقِدين له فجاءوا بالتأكيد.
[3] قوله: [وإذا أردتَ إلخ] بيانٌ لفائدة أخرى لتأكيد الحكم هي أنه قد يتكلّم متكلِّم بكلام ويدّعي بالتأكيد أنه مُوافق لاعتقاده مع كونه كاذباً في الادّعاء, وتريد أن تُنبِّهَ مخاطَبك على كذبه فتُؤكِّد الحكمَ وإن لم يكن مخاطَبك منكِراً للحكم كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ﴾ فالتأكيد فيه للتنبيه على كذب المنافقين في ادّعائهم أنّ شهادتهم من صميم قلوبهم, وليكون الردّ مطابقاً للمردود في كونه مُؤكَّداً.
[4] قوله: [وأمّا قوله تعالى: إلخ] جواب سؤال وهو أنه ما وجه تأكيد الحكم في قوله تعالى: ﴿ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ مع أنّ المخاطَب وهو الرسول عليه الصلاة والسلام عالم بالحكم وبلازمه! وحاصل الجواب أنّ هذا الخبر لدفع إيهام أن يرجع التكذيب في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ﴾ إلى كونه رسولَ الله فوجب المبالغة في تحقيقه فجيء بالتأكيد, وفيه إشارة إلى فائدة أخرى لتأكيد الحكم.