عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

على لفظ التوكيد, ويُؤكَّد الحكم المُسلَّم[1] لصدق الرغبة فيه والرواج, قال صاحب[2] "الكشاف" في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ[البقرة:١٤] ليس ما خاطبوا به[3] المؤمنين جديراً بأقوى الكلامين وأوكدهما لأنهم في ادّعاء حدوث الإيمان منهم لا في ادّعاء أنهم أوحديّون فيه, إمّا لأنّ أنفسهم[4] لا تساعدهم عليه لعدَم الباعث والمحرّك من العقائد, وإمّا لأنه لا يروج عنهم لو قالوه على لفظ التوكيد والمبالغة, وأمّا مخاطَبة إخوانهم[5] في الإخبار عن أنفسهم بالثبات على اليهوديّة فهم فيه على


 



[1] قوله: [ويُؤكَّد الحكم المُسلَّم] أي: بين المُتكلِّم والمُخاطَب.

[2] قوله: [قال صاحب إلخ] استشهاد على تركِ تأكيد الحكم المُنكَر وتأكيدِ الحكم المسلَّم, وحاصله أنّ المنافقين قد تركوا التأكيد في آمنّا مع أنّ المخاطَبين وهم المؤمنون كانوا يُنكِرون ذلك لأنّ أنفسهم لا تساعدهم على تأكيده لكونهم غيرَ معتقدين له أو لأنه لا يروج عنهم ولا يقبل, وقد أكّدوا في إنا معكم مع أنّ المخاطبين وهم شياطينهم غير مُنكِريه لصدق رغبة المنافقين فيه ورواجه عنهم.

[3] قوله: [ليس ما خاطبوا به إلخ] وهو آمنّا, والكلامان آمنّا وإنا معكم, وأقواهما وأوكدهما هو المؤكَّد بـإنّ واسميّةِ الجملة, يعني ليس المنافقون في ادّعاء معنى يكون جديراً بالكلام القويّ الوكيد فكيف بالأقوى الأوكد, وهذا جواب سُؤال وهو أنه لِم كان مخاطبتُهم المؤمنين بالجملة الفعليّة بدون التأكيد ومخاطبتُهم شياطينَهم بالجملة الاسميّة المُؤكَّدة بـإنّ؟ فقوله لأنهم في ادّعاء حدوث الإيمان دليل لمخاطبتهم المؤمنين بالجملة الفعليّة يعني أنهم في ادّعاء حدوث الإيمان والمُفيد له الجملة الفعليّة, وقولُه لا في ادّعاء أنهم أوحديّون فيه أي: مفارقون عن شياطينهم في الإيمان دليلٌ لترك التأكيد.

[4] قوله: [إمّا لأنّ أنفسهم إلخ] دليل للنفي في قوله لا في ادّعاء إلخ, وهذا محلّ استشهاد الشارح على قوله وقد يُترَك تأكيد الحكم المُنكَر لأنّ نفس المتكلِّم إلخ لأنه يُفهَم منه أنّ ترك التأكيد فيه لعدم مساعدة نفس المتكلِّم على تأكيد الحكم المُنكَر وعدمِ رواجه منه.

[5] قوله: [وأمّا مخاطَبة إخوانهم إلخ] عطف على قوله ليس ما خاطبوا به إلخ, وهذا جواب عن الشقّ الثاني للسؤال, فقوله بالثبات على اليهوديّة إشارة إلى وجه إيرادهم الجملة الاسميّة الدالّة على الثبات, وقوله فهم فيه على صدقِ رغبةٍ إلخ إشارة إلى وجه إتيانهم بالتأكيد بـإنّ أي: فهم في تلك المخاطبة على صدق رغبة في الإخبار بالثبات على اليهوديّة فكان هذا الإخبار مَوضِعاً يُظنّ فيه التحقيق ومِئْنَةً للتوكيد أي: موضعاً يقال فيه إنه يُؤكَّد يقال فلان مِئْنَة للخير أي: موضع يقال فيه إنه الخير.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400