في تعريف المجاز أوّلاً ممّا لا يُلتفَت[1] إليه في التعريفات, بل جوابه[2] أنا لا نسلّم عدم صدقه على ما ذُكِر, فإنّ قوله: هي الكلام المُفاد به ما عند المتكلّم أعمّ من أن يكون عنه المتكلّم في الحقيقة أو في الظاهر بل دلالته على الثاني أظهر لعدم الاطّلاع على السرائر, ولقائل أن يقول[3]: تعريف المصنّف غير مُطّرِدٍ ولا مُنعكِسٍ أمّا الأوّل[4] فلصدقه على نحو قولها فَإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وَإِدْبَارٌ ممّا وصف الفاعل أو المفعول بالمصدر فإنه مجاز عقليّ
[1] قوله: [ممّا لا يُلتفَت إلخ] خبر لقوله والاعتذار, هذا ردّ على الجواب المذكور, وحاصله أنّ مثل هذا الاعتماد يصحّ في المحاورات ولا يُلتفَت إليه في التعريفات لأنّ مقصود التعريف إيضاح المُعرَّف وتركُ قيد فيه بناءً على أنه يُفهَم ممّا ذُكِر في تعريف مقابله يُخِلّ بالمقصود فلا يليق بالتعريفات.
[2] قوله: [بل جوابه إلخ] أي: بل الجواب الصحيح عن الوجه الثالث أنا لا نُسلِّم عدم صدق التعريف على مثل ما ذكر لأنّ قوله ما عند المتكلِّم أعمّ من أن يكون ذلك الحكم عنده في الحقيقة أو أن يكون عنده في الظاهر والحكم المذكور في قول المعتزلي وإن لم يكن عنده في الحقيقة لكنه عنده في الظاهر فيصدق عليه الحدّ من غير حاجة إلى اعتماد على الغير, وبهذا القدر قد تمّ الجواب عن عدم الانعكاس, والإضرابُ بقوله بل دلالته على الثاني أظهر لإثبات دخول ما ذكر في الحدّ ولدفع توهّم لزوم الإبهام في الحدّ.
[3] قوله: [ولقائل أن يقول إلخ] إشارة إلى الاعتراض على الماتن من أنّ تعريفه للحقيقة العقليّة غير مانع عن دخول غير المعرّف فيه وغير جامع لأفراد المُعرَّف.
[4] قوله: [أمّا الأوّل إلخ] أي: أمّا كونه غير مُطّرد أي: غير مانع عن دخول الغير فيه فلصدقه على إسناد إسناد الإقبال والإدبار إلى الناقة في قول الخَنْساء: فَإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وَإِدْبَارٌ فإنّهما أمران ثابتان للناقة من حقّهما أن يُسندا إليها فيصدق على إسنادهما إليها تعريف المصـ من أنه إسناد معنى الفعل إلى ما هو له عند المتكلِّم في الظاهر, مع أنّ هذا مجاز عقليّ كما صرّح به الشيخ عبد القاهر في "الدلائل".