ظاهره ولم يقصد المبالغة المذكورة لكان حقّه أن يجاء بلفظ الذات لا أنه مراد, وجوابه[1]: أنّ لفظة ما في التعريف عبارة عن المُلابس أي: إلى فاعل أو مفعول به هو له على ما صرّح به فيما سيجيء, وهذا إسناد إلى المبتدأ والإسناد إلى المبتدأ عنده ليس بحقيقة ولا مجاز, وأمّا الثاني[2] فلعدم صدقه على نحو: ما قام زيد و ما ضرب عمرو من المنفيّات, فإنّ إسناد القيام والضرب ليس إلى ما هو له لا في الحقيقة ولا في الظاهر, وإن أريد أنّ إسناد القيام والضرب المَنفيَّـين إلى ما هو له فقد دخل حينئذٍ في التعريف من المجاز العقليّ[3]
[1] قوله: [وجوابه إلخ] أي: والجواب عن عدم اطّراد تعريف المصـ أنّ إلخ, وحاصله أنّ ما في تعريفه عبارة عن المُلابَس إذ لا معنى لإسناد الفعل إلى ما لا تعلّق له به أصلاً, والمُلابَس في الحقيقة العقليّة هو الفاعل النحويّ فيما بني له أو المفعول به النحويّ فيما بني له, وإسناد الإقبال والإدبار ليس إلى فاعلهما النحويّ بل إلى المبتدأ فلا يصدق عليه التعريف. قوله على ما صرّح به إلخ أي: القرينة على إرادة الفاعل والمفعول به ما سيصرّح به بقوله فإسناده إلى الفاعل أو المفعول به إذا كان مبنيًّا له حقيقة.
[2] قوله: [وأمّا الثاني إلخ] أي: وأمّا كون تعريف المصـ للحقيقة العقليّة غيرَ منعكِس أي: غيرَ جامع لأفراد الحقيقة فلعدم صدقه إلخ, وحاصله أنّ هو في قوله ما هو له راجع إلى الفعل أو معناه والمتبادر من كون الفعل له أن يكون قائماً به ووصفاً له فيلزم خروج الحقيقة العقليّة المنفيّة عن تعريف الحقيقة العقليّة مثل ما قام زيد لأنّ القيام فيه ليس وصفاً لزيد لا في الحقيقة ولا في الظاهر, وإن أريد بكون الفعل له أن يكون الفعل وصفاً له سواء كان من حيث الثبوت أو من حيث النفي فيلزم دخول المجاز العقليّ المنفيّ في تعريف الحقيقة العقليّة مثل ما صام نهاري لأنّ الصوم وصف للنهار من حيث النفي فيكون إسناده إليه حقيقة عقليّة كما أنّ إسناد القيام إلى زيد حقيقة عقليّة لكونه وصفاً له من حيث النفي.
[3] قوله: [من المجاز العقليّ] بيانٌ مقدَّم لقوله ما. قوله قال الشاعر إلخ دفعٌ لتوهّم أنّ المثالين مصنوعيّان ولا يقع مثلهما في كلام البلغاء. قوله فَنِمْتِ إلخ صدره: لَقَدْ لُمْتِنِيْ يَا أُمَّ غَيْلاَنَ فِي السُّرَى, السُرَى سير آخر الليل, وأمّ غَيلان كنية امرأة لاَمَتْه في السُرَى, ولُمْتِ ونِمْتِ خطابٌ لها, والمَطِيُّ جمع مطيّة وهي الناقة التي يركب عليها, وغرض الشاعر إظهار القوّة والجلادة وأنه لا يخاف لوم أحد, والشاهد في قوله وَمَا لَيْلُ الْمَطِيِّ بِنَائِمٍ فإنه قد أسند النوم المنفيّ إلى ليل المطيّ.