و ليت نهاري صائم وما أشبه ذلك[1] فليتأمّل (ومنه) أي: من الإسناد (مجاز عقليّ) ويسمّى مجازاً حُكميًّا[2] ومجازاً في الإثبات وإسناداً مجازيًّا (وهو إسناده) أي: إسناد الفعل أو معناه (إلى مُلابَس له غيرِ ما هو له) أي: غيرِ المُلابَس[3] الذي ذلك الفعل أو معناه له يعني غير الفاعل فيما بني للفاعل وغير المفعول فيما بني للمفعول (بتأوّل) متعلّق بـ إسناده [4] وحقيقة قولك[5] تأوّلت الشيء أنك تطلّبت ما يؤول إليه من الحقيقة أو الموضعَ الذي يؤول إليه
[1] قوله: [وما أشبه ذلك] نحو لعلّ ليلَك قائم, ووألا ينام ليلك. قوله فليتأمّل يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ الجواب المذكور عن الإشكال ظاهريّ وأمّا الجواب التحقيقيّ فهو أنه إنْ أريد في المنفيّ نفي الإسناد فقط كان حقيقة عقليّة وإن أريد إسناد النفي بأن جُعِل كناية عن إسناد فعل يتضمّنه إسناد النفي كان مجازاً عقليًّا فقولك ما ربح تجارة زيد إن أريد به نفي الربح فقط فهو حقيقةٌ وإن أريد به إثبات الخسران الذي يتضمّنه إسناد النفي فهو مجازٌ.
[2] قوله: [ويُسمَّى مجازاً حُكميًّا] أي: منسوباً إلى حكم العقل بأنّ النسبة إلى غير ما هو له أو إلى الحكم بمعنى النسبة التامّة لأنه أشرف أفراد المجاز العقليّ وأغلب, فلا يتوهّم اختصاصه بالحكم بمعنى النسبة التامّة. قوله ومجازاً في الإثبات لأنّ المجاز في النفي فرع المجاز في الإثبات أو المراد بالإثبات النسبة مطلقاً فلا يتوهّم اختصاصه بالإثبات. قوله وإسناداً مجازيًّا لتجاوزه عمّا هو له, ثمّ خصّ المجاز بذكر أسمائه اعتناءً بشأنه لكثرة فوائده فلا يتوهّم عدم إجرائها في الحقيقة.
[3] قوله: [أي: غيرِ المُلابَس إلخ] فسّر ما الموصولة بالمُلابَس رعايةً لكلامه السابق واللاحق فالسابق ما فسّر فيه ما هو له بالمَلابس واللاحق قوله وله مُلابَسات شتّى, وإشارةً إلى علاقة المجاز وهو اشتراك ما هو له وغير ما هو له في المُلابَسة للفعل والتعلّق به.
[4] قوله: [متعلِّق بـإسناده] أي: هذا ظرف لغو لقوله إسناده والباء للملابَسة أو السببيّة, وليس ظرفاً مستقرًّا له على أن يكون صفة مصدر محذوف أي: إسناداً متلبِّساً بتأوّل إذ فيه حذف من غير ضرورة.
[5] قوله: [وحقيقة قولك إلخ] أي: المعنى الحقيقي لقولك تأوّلتُ الشيءَ أنك طلبتَ ما يرجع إليه الشيء فحقيقة قولك تأوّلتُ الإسناد أنك طلبتَ ما يرجع إليه الإسناد. قوله من الحقيقة بيانٌ لـما, وهذا إذا كان للمجاز حقيقة كما في قول المؤمن: أنبت الربيع البقل فإنّ حقيقته: أنبت الله البقل في الربيع. قوله أو الموضعَ إلخ عطف على ما يؤول إليه أي: تطلّبتَ الموضعَ الذي يرجع إليه الإسناد من جهة العقل, وهذا إذا لم يكن للمجاز حقيقة كما في قولك أقدمني بلدك حقّ لي عليك فإنه لا حقيقة لهذا المجاز لعدم الفاعل للإقدام لأنه موهوم لكنْ له محلّ من جهة العقل وهو القدوم للحقّ, وهذا هو الموافق لمذهب الشيخ من أنه لا يلزم للمجاز العقليّ أن يكون له حقيقة وسيجيء تحقيقه.