عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

ما هو منفيّ نحو: ما صام يومي و ما نام ليلي قال الشاعر: فَنِمْتِ وَمَا لَيْلُ الْمَطِيِّ بِنَائِمٍ, وحاصل الإشكال[1] أنّ الإسناد أعمّ من أن يكون على جهة الإثبات أو النفي وإثبات الفعل لما هو له معناه ظاهر فما معنى نفي الفعل عمّا هو له عند المتكلّم في الظاهر؟ وجوابه[2]: أنّ معناه أنه لو اعتُبِر الكلام مجرّداً عن النفي وأُدِّي بصورة الإثبات لكان إسناداً إلى ما هو له لأنّ النفي فرع الإثبات فالإسناد في قام زيد إلى ما هو له فيكون حقيقة وكذا إذا نفيته وقلت: ما قام زيد بخلاف الإسناد في نحو: صام نهاري فإنه إسناد إلى غير ما هو له فيكون مجازاً سواء أثبت أو نفي, وكذا الكلام[3] في سائر الإنشائيّات مثل: أنهارك صائم


 



[1] قوله: [وحاصل الإشكال إلخ] زاد في هذا الحاصل عمومَ الإسناد دفعاً لأنْ يقال إنّ التعريف المذكور إنّما هو للحقيقة العقليّة المُثبَتة كما يدلّ عليه قوله إسنادُ الفعل إلخ وليس في الحقيقة العقليّة المنفيّة الإسناد بل نفيه, فلو خرجت عنه فلا ضير فيه إذ هي ليست من أفراد المعرَّف, وحاصل الدفع أنّ الإسناد أعمّ من أن يكون على جهة الإثبات أو النفي لأنّ المصـ لم يُعرِّف للحقيقة العقليّة المنفيّة بغير هذا التعريف فالمعرَّف هنا أعمّ فيرد الإشكال لا محالة لأنّ معنى إثبات الفعل لما هو له ظاهر وهو إثبات الفعل لما هو وصف له, وأمّا نفي الفعل عمّا هو له فما معنى له؟ فإن أريد به نفي الفعل عمّا الفعل وصف له خرج الحقيقة العلقيّة المنفيّة وإن أريد به نفي الفعل عمّا نفي الفعل وصف له دخل المجاز العقليّ المنفيّ.

[2] قوله: [وجوابه إلخ] جوابٌ عن الإشكال باختيار الشقّ الأوّل, وحاصله أنّ المراد بإسناد الفعل إلى ما هو له أن يكون الفعل وصفاً له إمّا ابتداءً كما في الحقيقة العقليّة المُثبَتة نحو قام زيد أو بعد تجردِّه عن النفي وأداءِ الكلام بصورة الإثبات كما في الحقيقة العلقيّة المنفيّة نحو ما قام زيد فلا إشكال, وخلاصة الجواب أنّ الحقيقة العقليّة والمجاز العقليّ في المنفيّات تابعان لهما في المُثبَتات فإن كان إسناد الفعل أو معناه إلى شيء حقيقةً في المُثبَت فإسنادُه إليه حقيقةٌ في المنفيّ وإن كان مجازاً فمجاز.

[3] قوله: [وكذا الكلام إلخ] أي: ومثل الكلام في المنفيّ الكلامُ في سائر الإنشائيّات فيقال لو اعتبر الكلام الإنشائيّ مجرَّداً عن الإنشاء وأدِّي بصورة الإخبار فإن كان الإسناد فيه إسناداً إلى ما هو له فهو حقيقة عقليّة نحو أ أنت صائم وإن كان إسناداً إلى غير ما هو له فهو مجاز عقليّ نحو أنهارك صائم فإنّ الإنشاء فرع الإخبار كما أنّ النفي فرع للإثبات.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400