(إلى غيرهما) أي: غيرِ الفاعل أو المفعول به يعني غيرَ الفاعل في المبنيّ للفاعل وغيرَ المفعول في المبنيّ للمفعول (للمُلابَسة) يعني لأجل[1] أنّ ذلك الغير يُشابِه ما هو له في مُلابَسة الفعل (مجاز) فقد استُعِير[2] الإسناد ممّا هو له لغيره لمشابهته إيّاه في الملابسة كما استعير للرجل اسم الأسد لمُشابَهته إيّاه في الجُرأة[3] ولا مجاز ولا استعارة[4] في شيء من طرفي الإسناد وإنما الغرض تشبيه هذه الحالة بحال الاستعارة الاصطلاحيّة كما قال[5] في "دلائل الإعجاز"
[1] قوله: [يعني لأجل إلخ] إنّما فسّر الملابسة بمشابهة غير ما هو له لما هو له في ملابسة الفعل ليوافق ما في "الإيضاح" الذي هو كالشرح لهذا الكتاب حيث قال: وإسناده إلى غيرهما لمضاهاته لما هو له في ملابسة الفعل مجاز فإنه صريح في أنّ العلاقة بين ما هو له وغير ما هو له إنّما هي مشابهة غير ما هو له لما هو له في ملابسة الفعل وإن كان جهة الملابَسة والتعلّق مختلفة.
[2] قوله: [فقد استُعِير إلخ] لمّا كان إسناد الفعل إلى غير ما هو له مجازاً عقليًّا ولا بدّ للمجاز من علاقة وقد ذكر أنّ العلاقة هنا هي المشابهة لزم القول بكونه استعارة فيبيّن هنا أنّ الإسناد مستعار وما هو له مستعار منه وغير ما هو له مستعار له ووجه الشبه ملابسة الفعل كلاًّ منهما.
[3] قوله: [في الجُرأة] وهي الاقتحام والدخول في المهالك مطلقاً مع الرؤية كان أو بدونها, والشَجاعة هي الاقتحام مع الرؤية, فالجُرأة أعمّ من الشَجاعة.
[4] قوله: [ولا مجاز ولا استعارة إلخ] يتوهّم من تشبيه استعارة الإسناد باستعارة اسم الأسد أنّ المجاز العقليّ من قبيل الاستعارة الاصطلاحيّة كما أنّ استعارة اسم الأسد كذلك فدفعه بقوله ولا مجاز إلخ وحاصله أنّ الاستعارة الاصطلاحيّة لفظ استعمل في غير ما وضع له بعلاقة المشابهة والإسنادُ ليس بلفظ وأمّا إطلاق الاستعارة عليه فإنّما هو لمجرّد تشبيه هذه الحالة بحال الاستعارة الاصطلاحيّة لاشتراكهما في أنه استعير في كلّ منهما شيء لشيء للمشابهة بينهما.
[5] قوله: [كما قال إلخ] تقوية لما ذكره من أنّ الغرض من إطلاق الاستعارة على المجاز العقليّ إنّما هو تشبيه حاله بحال الاستعارة الاصطلاحيّة. قوله ليس هو التشبيه إلخ لأنّ التشبيه الذي يستفاد بـكأنّ ونحوها هو تشبيه مقصود بالإفادة بخلاف تشبيه الربيع بالقادر المطلق فإنه ليس بمقصود بل المقصود ما يترتّب عليه وهو إسناد الفعل إلى الربيع لأنّ إسناد الفعل إلى كلّ غير ما هو له ليس بصحيح بل لا بدّ في صحّته وكونه مجازاً عقليًّا من أن يكون ذلك الغير ملابساً ومشابهاً لما هو له.