عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

الأيام, فلقد[1] غلَب على الطِباع اللّددُ والعِنادُ, وفَشَا الجدال والحسَد بين العِباد, ولئن فاتني من الناس الثناء الجميل في العاجل, فحسبي ما أرجو من الثواب الجزيل في الآجل, وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلتُ وإليه أنيب. قال المصنّف رحمه الله (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله) افتتح كتابه[2] بعد التيمُّن بالتسمية بحمد الله سبحانه وتعالى أداءً[3] لحقّ شيء ممّا يجب[4] عليه من شكر نَعمائه التي تأليف هذا المختصر أثرٌ من آثارها, والحمد[5] هو الثناء باللسان على الجميل    


 



[1] قوله: [فلقد إلخ] الفاء للتعليل, والطِباع جمع الطبيعة, واللّددُ شدّة الخصومة, والعِنادُ العداوة, قوله وفَشَا أي: وشاع, والجدال الخصومة والحسد تمنّي زوال النعمة من الغير وهو حرام.

[2] قوله: [افتتح كتابه] أي: صدّر كتابَه المقدَّر في الذهن إن كانت الخطبة ابتدائيّة أو كتابَه المحقَّق إن كانت إلحاقيّة. قوله بعد التيمّن بالتسمية أي: بعد الافتتاح بها, وفيه إشارة إلى أنّ الافتتاح بالتسمية للتيمّن والتبرّك سواء كانت الباء للملابسة أو للاستعانة أو جعلت صلة للفعل المقدّر. قوله بحمد الله متعلِّق بـافتتح ومعنى افتتاح الكتاب بالحمد بعد التيمّن بالتسمية ذكرُه عقيبَها مقدَّماً على ما سواهما.

[3] قوله: [أداءً إلخ] علّة للافتتاح بحمد الله, وجَعَله علّة له نظراً إلى كونه نصب عين المصـ حيث قال: على ما أنعم وإلاّ ففي الافتتاح المذكور اقتداءٌ بأسلوب الكتاب الحميد وامتثالٌ لحديثي الابتداء بالتسمية والتحميد وعملٌ بما شاع بين علماء المجيد, وإنّما قال شيء بلفظ التقليل لأنّ أداء حقّ الشكر كما وجب ممّا ليس في وسع العباد قال الله تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ[إبراهيم:٣٤].

[4] قوله: [ممّا يجب] إن كانت مَا موصوفة أو موصولة للعهد أو للجنس فـمِنْ في ممّا يجب بيانيّة وفي من شكر نعمائه مبيِّنةٌ لـما يجب إن أريد بالشكر مطلقه وتبعيضيّةٌ إن أريد به الشكر الكامل وهو مجموع الاعتقادِ والقولِ والعملِ, وإن كانت للاستغراق فـمِن الأولى تبعيضيّة والثانية مبيِّنة لـشيء لا لـما يجب إذ لا إبهام فيه ولأنه لا يصحّ بيان العامّ بالخاصّ.

[5] قوله: [والحمد إلخ] شروع في تصوّر الموضوع أعني قول الماتن الحمد. قوله الثناء باللسان ذكر اللسان للتنصيص بمورد الحمد لأنّ الثناء قد يطلق بمعنى يشمل غير فعل اللسان. قوله على الجميل أي: على الوصف الجميل الاختياري, وحمد الله تعالى على صفاته الذاتيّة بتنزيلها منزلة الاختياريّة أو على أنّ المراد بالجميل الاختياري المنسوب إلى الفاعل المختار سواء كان مختاراً فيه أو لا.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400