عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

ولذا[1] لم يقل الحمد للخالق أو الرازق أو نحوهما ممّا يُوهِم اختصاص استحقاقه الحمدَ بوصف دون وصف بل إنما تعرّض[2] للإنعام بعد الدلالة على استحقاق الذات تنبيهاً على تحقُّق الاستحقاقَين, وقدّم الحمد[3] لاقتضاء المقام مزيد اهتمام به وإن كان ذكر الله أهمّ في نفسه, على أنّ صاحب "الكشاف" قد صرّح بأنّ فيه أيضاً دلالة على اختصاص الحمد به وأنه به حقيق, وبهذا يظهر[4] أنّ ما ذهب إليه من أنّ اللام في الحمد لتعريف الجنس


 



[1] قوله: [ولذا إلخ] أي: ولكون اسم الجلالة اسماً للذات المعيّنة من غير اعتبار صفة معه قال الحمد لله ليفيد استحقاقه الحمدَ بالذات ولم يقل للخالق مثلاً لئلاّ يوهم اختصاص استحقاقه الحمدَ بوصف وهو الوصف المذكور دون وصف وهو الوصف المتروك, وإنّما قال يوهم لأنّ استحقاق جنس الحمد بوصف دون وصف حكم باطل في نفسه.

[2] قوله: [بل إنّما تعرّض إلخ] إضراب عن قوله لم يقل إلخ دفعاً لما يرد عليه من أنّ إيهام اختصاص استحقاقه الحمد بوصف دون وصف ثابت لأنه قد تعرّض للإنعام والتعليم, وحاصل الدفع أنّ التعرّض للإنعام إنّما هو للتنبيه على تحقّق الاستحقاقين الذاتيّ والوصفيّ فالاستحقاق الذاتيّ مستفاد من اللام والوصفيّ مستفاد من قوله على ما أنعم إلخ لأنه جعله محموداً عليه صريحاً.

[3] قوله: [وقدّم الحمد إلخ] توجيهٌ لتقديم لفظ الحمد على لفظ الجلالة والحاصل أنّ كلا الجزئين من جملة الحمد لله مهمّ في مقام الحمد لكنّ الاهتمام زائد بلفظ الحمد لكونه بصدد صدور مدلوله. قوله على أنّ إلخ دفع توهّم وهو أنه قد فات بتقديمه الحمد تخصيصه به تعالى, وحاصل الدفع أنّ في تقديم الحمد أيضاً دلالةً على اختصاص الحمد به تعالى كما في لله الحمد. قوله وأنه به حقيق أي: ودلالة على أنّ الحمد بذاته تعالى حقيق لا بغيره.

[4] قوله: [وبهذا يظهر إلخ] أي: وبما ذكر من أنّ صاحب "الكشّاف" قد صرّح بالاختصاص في الحمد لله يظهر إلخ, وجه الظهور أنه إذ صرّح بوجود الاختصاص فيه ثمّ ذهب إلى أنّ اللام فيه لتعريف الجنس فقد ذهب إلى اختصاص جنس الحمد بالله تعالى وهو يستلزم اختصاص جميع المحامد به تعالى استلزاماً

    ظاهراً إذ لو ثبت فرد من أفراد الحمد لغيره تعالى لثبت له الجنس في ضمنه فلا يكون الجنس مختصًّا به تعالى والمقدَّر خلافه, فلا فرق بين اختصاص الجنس واختصاص الاستغراق في أنهما ينافيان بحسب الظاهر قاعدةَ الاعتزال, فلا يكون جعله اللامَ في الحمد للجنس دون الاستغراق مبنيًّا على مذهب المعتزلة كما توهّمه كثير من الناس من أنه مبنيّ عليه.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400