دون الاستغراق ليس كما توهّمه كثير من الناس مبنياً على أنّ أفعال العباد عندهم ليست مخلوقة لله تعالى فلا يكون جميع المحامد راجعة إليه بل على[1] أنّ الحمد من المصادر السّادة مسدّ الأفعال وأصله النصب والعدول إلى الرفع للدلالة على الدوام والثبات, والفعل[2] إنّما يدلّ على الحقيقة دون الاستغراق فكذا ما ينوب منابه, وفيه نظر[3] لأنّ النائب مناب الفعل إنّما هو المصدر النكرة مثل سلام عليك وحينئذ لا مانع من أنْ يدخل فيه اللام ويقصد به الاستغراق, فالأولى[4] أنّ كونه للجنس مبني على أنه المتبادرُ
[1] قوله: [بل على إلخ] أي: بل جعله اللامَ في الحمد للجنس دون الاستغراق مبنيّ على أنّ الحمد من المصادر القائمة مقام الأفعال أي: من المصادر التي ينصبها العرب بأفعال مُضمَرة كقولهم شكراً وعجباً. قوله وأصله النصب لأنّ المصادر السادّة تكون منصوبة فأصله حمدت لله حمداً, ثمّ لمّا اتّجه أن يقال إذ كان أصله النصب فلم عدل إلى الرفع أجاب عنه ببيان النكتة في العدول بقوله والعدول إلخ.
[2] قوله: [والفعل إلخ] حاصله أنّ الفعل إنّما يدلّ على الجنس دون الاستغراق كذلك ما يقوم مقامه أعني المصدر إنّما يدلّ على الجنس دون الاستغراق لئلاّ يلزم زيادة النائب على المنوب عنه في الدلالة, ولذا جعل صاحب "الكشّاف" لامَ الحمد لتعريف الجنس ونفى كونها للاستغراق.
[3] قوله: [وفيه نظر] أي: وفي المبنى المذكور نظر, وحاصل ما ذكره في وجه النظر أنّ المصدر المنكّر كافٍ في النيابة عن الفعل فيجوز أن يكون تعريفه باللام لإفادة معنى زائد وهو الاستغراق وحينئذ لا يلزم زيادة النائب عن المنوب عنه.
[4] قوله: [فالأولى إلخ] أي: إذ علم فساد ما ذكر من المبنى فالأولى في توجيه ما قال صاحب "الكشّاف" أن يقال إنّ كون اللام فيه للجنس مبنيّ على أنّ كونه للجنس هو المتبادر إلى الفهم من نفس اللفظ, وقوله الشائعُ في الاستعمال صفة المتبادر, وفيه احتراز عن المتبادر الذي لا يكون كثيراً في الاستعمال كالمجاز المتعارف في قوله لا يأكل من هذه النخلة فإنّ المتبادر من نفس اللفظ الشجرة المخصوصة ولذا يصحّ لو نوى حقيقة كلامه لكن استعماله في اليمين بهذا المعنى نادر.