عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

الضمير المحذوف أو خبرُ مبتدأ محذوف أو نصبٌ بتقدير أعني فقد تعسّف, وأمّا معنى[1] فلأنّ الحمد على الإنعام الذي هو من أوصاف المُنعِم أمكنُ من الحمد على نفس النعمة, ولم يتعرّض[2] للمُنعَم به لقصور العبارة عن الإحاطة به, ولئلاّ يتوهّم اختصاصه بشيء دون شيء, وليذهب نفس السامع كلّ مذهب ممكن, ثُمّ إنه[3] صرّح ببعض النِعَم إيماءً إلى أصول ما يحتاج إليه في بقاء النوع, بيانه[4] أنّ الإنسان مدَنيّ بالطبع أي: محتاج في تعيُّشه إلى التمدّن وهو اجتماعه مع بني نوعه, يتعاونون ويتشاركون في تحصيل الغذاء واللباس والمسكن وغيرها, وهذا موقوف على أنْ يُعرِّف كلّ أحد صاحبَه ما في ضميره


 



[1] قوله: [وأمّا معنى] أي: وأمّا فساد كون ما موصولة معنى. قوله فلأنّ الحمد إلخ حاصله أنه على تقدير كون ما مصدريّة يكون الحمد على الإنعام وعلى تقدير كونه موصولة يكون الحمد على النعمة, والحمد على الإنعام أشدّ تمكّناً في القلب من الحمد على نفس النعمة لأنّ الحمد على الأوّل بلا واسطة لكونه فعلَ المُنعِم وعلى الثاني بواسطة أنّ النعمة أثر الإنعام, ففي توصيف الإنعام بقوله الذي هو من أوصاف المُنعِم إشارة إلى وجه الأمكنيّة.

[2] قوله: [ولم يتعرّض إلخ] جواب سؤال وهو أنّه لم حذف المصـ مفعول أنعم, وحاصل الجواب أنه حذفه لنِكات ثلاث النكتة الأولى أنّ العبارة قاصرة عن الإحاطة بالمُنعَم به, والثانية دفع توهّم أنّ المُنعَم به هو هذا المذكور دون ذاك المتروك, والثالثة إمكان ذَهاب نفس السامع كلَّ مذهب ممكن.

[3] قوله: [ثمّ إنه إلخ] ثمّ هذه للتراخي في الرتبة إشارة إلى ترقّي المصـ في مراتب البلاغة, وهذا شروع في شرح قول المصـ وعلّم إلى وفصل الخطاب. قوله ببعض النِعَم وهو البيان وعلم الشرائع والشارع والمعجزة. قوله إيماءً إلى أصول إلخ وهي النعم المصرّح بها المذكورة.

[4] قوله: [بيانه] أي: بيان أنّ النعم المذكورة أصول ما يحتاج إليه في بقاء نوع الإنسان. قوله أي: محتاج إلخ تفسير لكون الإنسان مدنيًّا بالطبع. قوله وهو اجتماعه تفسير التمدّن. قوله يتعاونون إلخ جملة مستأنفة كأنه قيل ما يفعلون في هذا الاجتماع فقال يتعاونون إلخ. قوله وهذا أي: التعاون والتشارك في تحصيل الغذاء واللباس والمسكن والمنكح ودفع الموذيات.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400