يمتاز باستحقاق الطاعة وهو إنما يتقرّر بآيات تدلّ على أنّ شريعته مِن عند ربّه تعالى وهي المعجزات, وأعلى معجزات نبيّنا عليه السلام القرآن[1] الفارق بين الحقّ والباطل فقوله: (وعلّم) من عطف الخاصّ على العامّ رعايةً[2] لبراعة الاستهلال وتنبيهاً[3] على جلالة نعمة البيان كما أشير إليه بقوله: ﴿خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ٣ عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ﴾ [الرحمٰن:٣-٤], و مِنْ في (من البيان) بيان لقوله (ما لم نعلم) قدّم عليه رعاية للسّجع (والصلوة على سيدنا محمّد خير مَن نطق بالصواب) دعاء للشارع المُقنِّن[4] للقوانين (وأفضل من أوتي الحكمةَ) إشارة إلى القوانين لأنّ الحكمة هي علم الشرائع على ما فسّر في "الكشاف".................
[1] قوله: [القرآن] أمّا كون القرآن معجزة فلأنه معجز للبشر عن معارضته لكونه في أعلى مراتب البلاغة, وأمّا كونه أعلى فلكونه كلام القدير العليم. قوله فقوله: إلخ لمّا كان قول الشارح: ثمّ إنه صرّح إلى الفاصل بين الحقّ والباطل تشريحاً إجماليًّا لما يأتي في المتن أراد أن يفصِّله بإضافة كُلّ ممّا في الشرح إلى ما هو له في المتن مع زيادة فوائد لم تذكر فيما تقدّم فقال فقوله: إلخ.
[2] قوله: [رعايةً إلخ] أي: العطف المذكور لرعاية براعة الاستهلال لاشتماله على لفظ البيان فإنّ فيه إشارةً إلى المقصود بناءً على أنّ كثيراً من الناس يسمّي المعاني والبيان والبديع علمَ البيان, والبراعة مصدر برع الرجل إذا فاق أصحابَه, والاستهلال أوّل صوت الصبيّ ثمّ استعير لأوّل كلّ شيء فبراعة الاستهلال في اللغة تفوّقُ الابتداء, وفي الاصطلاح الإتيان في أوّل المقصود بما يشعر بالمقصود.
[3] قوله: [وتنبيهاً إلخ] عطف على قوله رعايةً وكلاهما مفعول له للعطف المذكور, وإنّما كان في العطف المذكور تنبيه على جلالة نعمة البيان لأنّ ذكر الخاصّ بعد العامّ بطريق العطف يوهم أنه بلغ في الشرف والكمال إلى حيث صار جنساً برأسه لأنّ العطف يقتضي المغايرة. قوله كما أشير إليه أي: إلى جلالة نعمة البيان, وذكّر الضمير باعتبار أنّ الجلالة بمعنى الشرف, ووجه الإشارة في الآية أنه خُصَّ بالذكر من بين النعم وقُرِنَ بتعليم القرآن وخلق الإنسان اللذَين هما من أجلّ النعم.
[4] قوله: [المُقنِّن] أي: الواضع للقوانين فذكر القوانين بعده مبنيّ على تجريده عنه. قوله على ما فسِّر إلخ فيه إيماء إلى أنّ لها معنى آخر وهو ما ذكر في "القاموس" من أنّ الحكمة العدل والنبوّة.