الجمعيّة في الجنس وِزانُ المفرد في تناول الجنسيّة والجمعيّةُ في جمل الجنس لا في وُحْدانه كذا في "الكشّاف", فنحو قولهم [1] فلان يركب الخيل وإنّما يركب واحداً منها مجاز مثل قولهم بنو فلان قتلوا زيداً وإنّما قتله واحد منهم, فإن قلتَ [2] قد روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّ الكتاب أكثر من الكتب , وبيّنه صاحب "الكشّاف" بأنه إذا أريد بالواحد الجنس والجنسيّة قائمة في وُحْدان الجنس كلّها لم يخرج منه شيء وأمّا الجمع فلا يدخل تحته إلاّ ما فيه معنى الجنسيّة من الجموع, قلتُ هذا كلام [3] مبنيّ على ما هو المعتبر عند البعض من أنّ الجمع المعرَّف باللام بمعنى كلّ جماعة جماعة أورده توجيهاً لكلام ابن عبّاس ولم يقصد أنه مذهبه بدليل أنه صرّح بخلافه غيرَ مرّة, والاستعمال أيضاً
[1] قوله: [فنحو قولهم إلخ] أي: إذا تقرّر أنّ المعرَّف بلام الجنس إذا كان على حقيقته لا يجوز إرادة الواحد منه لمنافاتها الجمعيّة فنحو قولهم: ½فلان يركب الخيل¼ وقوله ½لا يتزوّج النساء¼ وقوله تعالى: ﴿لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ﴾ [الأحزاب:٥٢] ممّا عُنِي بالجمع الواحدُ يكون مجازاً عن الجنس باطلاً عنه الجمعيّة كما صرّح به أئمّة الأصول حيث قالوا إنه لمّا لم يكن في هذه الأمثلة معهود ولم يكن للاستغراق فائدة إذ لا يركب كلّ خيل ولا يتزوّج كلّ امرأة قلنا إنّ الجمع فيها للجنس.
[2] قوله: [فإن قلتَ إلخ] اعتراضٌ على صاحب "الكشّاف" بأنّ في كلامَيه تناقضاً لأنه قال فيما مرّ بتساوي استغراق المفرد والجمع المُعرَّفَين باللام ويقول هنا في تفسير ما روي عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما بكون استغراق المفرد أشمل فهل هذا إلاّ تناقض صريح.
[3] قوله: [قلتُ هذا كلام إلخ] جواب عن الاعتراض, وحاصله أنّ مذهب صاحب "الكشّاف" هو ما نقل عنه فيما سبق, وكلامه الذي هنا مبنيّ على مذهب البعض, وإنّما أورده لتوجيه كلام ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما وليس هذا مذهبَه بدليل أنه مصرِّح بخلافه غيرَ مرّة في غير موضع فلا تناقض في كلامَيه, ولعلّ مراد ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما أنه قد يراد بالجمع المحلّى باللام الجنسُ مع الجمعيّة وحينئذ يكون المفرد المحلّى باللام أعمّ منه لأنه يشمل كلَّ فرد قطعاً بخلاف الجمع.