عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

بدّ من تحقّقه قبل الحكم فقصدوا في اللفظ أيضاً أن يكون ذكره قبل ذكر الحكم عليه (ولا مقتضِي للعدول عنه) يعني أنّ كون التقديم هو الأصل إنما يكون سبباً لتقديمه في الذكر إذا لم يكن معه[1] ما يقتضي العدول عن ذلك الأصل كما في الجملة الفعليّة فإنّ كون المسند هو العامل يقتضي العدول عن تقديم المسند إليه لأنّ مرتبة العامل قبل مرتبة المعمول, وكذا كلّ ما كان معه شيء ممّا يقتضي تقديم المسند[2] على ما سيجيء تفصيله (وإمّا ليتمكّن الخبر في ذهن السامع لأنّ في المبتدأ تشويقاً إليه) ومن هذا كان[3] حقّ الكلام تطويل المسند إليه, ومعلوم أنّ حصول الشيء بعد الشوق ألذّ وأوقع في النفس (كقوله) أي: قول أبي العَلاء المَعرّي من قصيدة يرثي بها فقيهاً حَنَفيًّا[4] (وَالَّذِيْ حَارَتِ الْبَرِيَّةُ فِيْهِ * حَيَوَانٌ مُسْتَحْدَثٌ مِنْ جَمَادٍ) يعني تحيّرت البريّة في المَعاد الجسمانيّ[5] والنشور الذي ليس


 



[1] قوله: [إذا لم يكن معه إلخ] إشارة إلى أنّ كون تقديم المسند إليه هو الأصل مشروط بانتفاء مقتضي العدول عن هذا الأصل؛ وذلك لأنّ تقديم المسند إليه أولى وقد يترك الأولى عند تحقّق المُوجِب لخلافه. قوله كما في الجملة الفعليّة مثال لتحقّق المقتضِي للعدول عن ذلك الأصل.

[2] قوله: [ممّا يقتضي تقديم المسند] أي: على المسند إليه ككون المسند مشتملاً على ما له صدر الكلام نحو أين زيد. قوله على ما سيجيء تفصيله أي: في باب المسند.

[3] قوله: [ومن هذا كان إلخ] أي: ومن أجل أنّ في المبتدأ تشويقاً للسامع إلى الخبر كان حقّ الكلام أن يُطوَّل المسند إليه إذ التشويق إلى الخبر إنّما يظهر إذا كان في المبتدأ طول. قوله ومعلوم أنّ حصول الشيء إلخ أي: حصول الشيء المترقَّب والمنتظَر بعد الشوق والطلب ألذّ وأوقع في النفس.

[4] قوله: [يرثي بها فقيهاً حَنَفيًّا] تمهيدٌ لما سيُشِير إليه من أنّ المراد بالحيوان المستحدَث من الجَماد المعادُ الجسمانيّ ردًّا على ما وقع في بعض الشروح.

[5] قوله: [في المعاد الجسمانيّ] إشارة إلى أنّ المراد بالحيوان المستحدَث من الجماد هو المعاد الجسمانيّ. قوله والنشور أي: وانتشار الخلق من قبورهم وتفرّقهم في الذَهاب إلى المحشر, وهذا تفسير للمعاد الجسمانيّ. قوله الذي ليس بنفسانيّ أي: الذي ليس متعلِّقاً بالنفس فقط بل بالروح والجسم كليهما. قوله من الرُفات على وزن الفُرات وهو ما تكسّر من اليبس. قوله كذا في "ضِرام السِّقْط" وهو شرح لديوان أبي العَلاء المَعرِّيِّ المُسمَّى بـ"سِقْط الزند".




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400