كان) لمّا ظرف بمعنى إذا [1] تستعمل استعمال الشرط يليه فعل ماض لفظاً أو معنى, قال سيبويه: لمّا لوقوع أمر لوقوع غيره وإنّما يكون مثل لو , فتوهّم منه بعضهم[2] أنه حرف كـ لو إلاّ أنّ لو لانتفاء الثاني لانتفاء الأوّل و لمّا لثبوت الثاني لثبوت الأوّل, والوجه ما تقدّم (علم البلاغة) هو المعاني والبيان (و) علم (توابعها) هو البديع (من أجلّ العُلوم قدراً وأدقّها سراًّ) لا حاجة[3] إلى تخصيص العلوم بالعربية لأنه لم يجعله أجلّ جميع العلوم بل جعل طائفة من العُلوم أجلّ ممّا سواها وجعله من هذه الطائفة, مع أنّ هذا[4] ادّعاء
[1] قوله: [لمّا ظرف بمعنى إذا] أي: فيما إذا وقع بعده جملتان كما هنا, وإلاّ فقد يكون لمّا بمعنى لَمْ نحو ندم زيد ولمّا ينفعه وقد يكون بمعنى إلاّ نحو قوله تعالى: ﴿إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ﴾ [الطارق:٤]. قوله تستعمل استعمال الشرط أي: في تعليق مضمون إحدى الجملتين بمضمون الأخرى, وهذا بيان لكون لمّا بمعنى إذا. قوله يليه فعل ماض إلخ وجزاؤه فعل ماض غالباً بدون الفاء وبالفاء قليلاً وقد يكون جملة اسميّة بالفاء أو بـإذا المفاجأة نحو قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ فَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ﴾ [لقمٰن:٣٢] و﴿فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأۡسَنَآ إِذَا هُم مِّنۡهَا يَرۡكُضُونَ﴾ [الأنبياء:١٢].
[2] قوله: [بعضهم] وهو ابن خروف. قوله أنه إلخ جعله توهّماً لأنّ المتبادر منه معنى الظرفيّة. قوله لانتفاء الثاني إلخ أي: للدلالة على أنّ الجزاء منتف بسبب انتفاء الشرط نحو لو جئتني أكرمتك. قوله لثبوت الثاني إلخ أي: يدلّ على أنّ الجزاء ثابت بسبب ثبوت الشرط نحو لمّا جئتني أكرمتك. قوله والوجه إلخ أي: الوجه الحسن ما تقدّم وهو أنه ظرف بمعنى إذا تستعمل استعمال الشرط.
[3] قوله: [لا حاجة إلخ] ردّ على ما قيل من أنّ المراد بالعلوم العلوم العربيّة دفعاً لما يرد على المتن من أنّ الكلام والفقه والتصوّف أجلّ من علم البلاغة وتوابعها فلا يصحّ جعله أجلّ العلوم مطلقاً, وحاصل الردّ أنّ المصـ لم يجعله أجلّ العلوم حتّى يحتاج إلى تخصيص العلوم بالعربيّة بل جعل طائفة من العلوم أجلّ العلوم وجعله منها, وهذا لا ينافي أن يكون من الطائفة ما هو أجلّ منه كالكلام وغيره.
[4] قوله: [مع أنّ هذا إلخ] جواب بالتسليم, حاصله أنّ المصـ لكمال عنايته وفرحه بذلك العلم يدّعي ظاهراً أجلّيته بالنسبة إلى جميع العلوم ترغيباً لطالبيه والمراد أجلّيته بالنسبة إلى بعض العلوم, فلا يرد أنّ هذا ادّعاءُ أمرٍ مخالفٍ للواقع والعالم لا يفرح بشيء باطل.