عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

(والغرابة) كون الكلمة وحشيّةً[1] غيرَ ظاهرةِ الدلالة على المعنى ولا مانوسةِ الاستعمال, فمنه ما يحتاج[2] في معرفته إلى أنْ ينقّر ويبحث عنه في كتبِ اللغة المبسوطةِ كـ تكأكأتُم و افرنقِعوا في قول عيسى بن عُمر النحويّ حين سقط من الحمار واجتمع الناس عليه: مالكم تكأكأتُم عليّ تكأكؤَكم على ذي جِنّة[3] افرنقِعوا عنّي أي: اجتمعتم تنحّوا عنّي, كذا ذكره الجوهري في "الصِحاح", وذكر جار الله في "الفائق" أنه قال الجاحظ: مرّ أبو علقمة ببعض طرق البصرة وهاجت به مِرّة[4] فوثب عليه قوم يعصرون إبهامه ويؤذّنون في


 



[1] قوله: [كون الكلمة وحشيّةً] بيان لمفهوم الغرابة إذ المصـ قد اكتفى بالمثال اختصاراً ولم يبيِّن مفهوم الغرابة. قوله غيرَ ظاهرةِ الدلالة على المعنى أي: على المعنى الموضوع له فلا يرد المتشابه والمجمل والمشكل لأنها غير ظاهرة الدلالة على المعنى المراد لا على المعنى الموضوع له, وهذا تفسير للوحشيّة كما سيصرِّح به الشارح نفسه. قوله ولا مأنوسةِ الاستعمال أي: استعمال العرب العرباء فلا يرد غرائب القرآن والحديث لأنها مأنوسة الاستعمال عندهم كما سيجيء من الشارح.

[2] قوله: [فمنه ما يحتاج إلخ] أي: فمن الغريب ما يحتاج في معرفة معناه إلى تنقيره أي: إلى البحث عنه في الكتبِ المبسوطةِ, وهذا القسم من الغريب يكون في الجوامد والمصادر باعتبار ذاتيهما وفي المشتقّات باعتبار موادّها بخلاف القسم الثاني الآتي فإنه يكون في المشتقّات باعتبار هيئاتها, وإنّما لم يأت المصـ بمثال القسم الأوّل لظهوره وأتى به الشارح تتميماً لما فات من المصـ.

[3] قوله: [على ذي جِنّة] الجنّة الجنون والجنّ أيضاً قال الله تعالى: ﴿أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِۦ جِنَّةُۢ[سبأ:٨] وقال تعالى: ﴿مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ [الناس:٦] وكلا المعنيين جائز الإرادة ههنا. قوله أي: اجتمعتم تفسير لقوله تكأكأتم. قوله تنحّوا عنّي تفسير لقوله افرنقِعوا عنّي.

[4] قوله: [وهاجت به مِرّة] المِرّة الصفراء, والمراد بهيجانها به الإغماء عليه من ذكر السبب وإرادة المسبَّب. قوله فوثب عليه الوثوب الطفرة وتعديته بـعلى لتضمينه معنى الاجتماع أي: فوثب مجتمعين عليه قوم يعصرون إبهامه ليزول عنه الإغماء ويؤذِّنون في أذنه لتزولَ عنه الجنّة أو يُعلمَ أنه حيّ أو ميِّت. قوله فأفلَتَ من الإفلات وهو الخروج أي: فخرج أبو علقمة من أيديهم.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400