عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

أذنه فأَفْلتَ من أيديهم فقال: مالكم تكأكأتم عليّ كما تكأكؤون على ذي جنّة افرنقِعوا عنّي فقال بعضهم: دعوه فإنّ شيطانه يتكلّم بالهنديّة, ومنه ما يحتاج[1] إلى أن يخرّج له وجه بعيد نحو مُسَرَّج في قول العَجّاج: وَمُقْلَةً[2] وَحَاجِباً مُزَجَّجاً * أي: مدقّقاً مطوّلاً[3] (وَفَاحِماً) أي: شَعراً أسود كالفَحْم[4] (وَمَرْسِناً) أي: أنفاً (مُسَرَّجاً أي: كالسيف السُريجيّ في الدقّة والاستواء) والسُريج[5] اسم قَين يُنسَب إليه السيوف (أو كالسِراج في البريق واللمعان) وهذا قريب[6] من قولهم: سرِج وجهُه بالكسر أي: حَسُن, و سَرَّج الله وجهَه


 



[1] قوله: [ومنه ما يحتاج إلخ] أي: ومن الغريب ما يحتاج في معرفة معناه إلى أن يُخرَّج له وجه بعيد من المناسبة بين اللفظ والمعنى نحو مُسَرَّج وسيجيء من المصـ بيان التخريج البعيد له بالوجهين, ووجه انحصار الغريب في القسمين أنّ اللفظ يدلّ على معناه بجوهره وهيئته فعدم ظهور دلالته إمّا باعتبار جوهره نحو افرنقِعوا فيحتاج إلى التنقير أو باعتبار هيئته نحو مُسَرَّج فيحتاج إلى التخريج.

[2] قوله: [وَمُقْلَةً إلخ] منصوب لكونه معطوفاً على قوله وَاضِحاً في البيت السابق وهو: أَزْمَانُ أَبْدَتْ وَاضِحاً فَلْجاً * أَغَرَّ بَرِيْقاً وَطَرَفاً أَبْرَجَا, أزمان اسم حبيبة الشاعر, وأبدت أي: أظهرت, والواضح الأسنان, والفلج تباعد ما بين الثنايا والرباعيات, والأغرّ الأبيض, والبريق اللمعان, والطرف العين, والأبرج بيِّن البَرَج وهو عظم العين وحسنها من باطن, والمقلة بياض العين مع سوادها.

[3] قوله: [أي: مدقّقاً مطوّلاً] تفسير لقول الشاعر مُزَجَّجاً وهذا التفسير موافق لما في "الصحاح", وقد اعتبر في تفسير الزجج في "الأساس" الاستقواس أيضاً.

[4] قوله: [أي: شَعراً أسود كالفَحْم] إشارة إلى أنّ قوله فَاحِماً اسم فاعل للنسبة كـلابن وتامر نسبةَ المشبَّه إلى المشبَّه به. قوله أي: أنفاً إشارة إلى أنّ المَرسِن وإن كان موضوعاً لأنف البعير مستعمل في مطلق الأنف مجازاً مرسلاً من قبيل ذكر المقيّد وإرادة المطلق.

[5] قوله: [والسُريج إلخ] إنّما تعرّض له لأنّ قوله السريجيّ نسبة إلى السريج ومعرفة المنسوب تتوقّف على معرفة المنسوب إليه. قوله قَين وهو الحدّاد.

[6] قوله: [وهذا قريب إلخ] أي: والمعنى الثاني قريب من قولهم سرِج وجهُه بمعنى حسن وجهه, ووجه قربه منه أنّ البريق واللمعان موجِب للحسن مطّرِداً بخلاف الدقّة والاستواء فإنه قد يوجب الحسن كما إذا كان في حدّ الاعتدال وقد يوجب القبح كما إذا كان خارجاً عنه, ومقصود الشارح من هذا الكلام ترجيح التخريج الثاني على الأوّل بكونه قريباً من استعمال سرج بمعنى حسن.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400