عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

أي: بَهَّجه وحَسَّنه, وإنّما لم يُجعَل اسمَ مفعول منه[1] لاحتمال أنهم لم يعثروا على هذا الاستعمال, وأن يكون هذا[2] مُولَّداً مُستحدَثاً من السِراج, على أنه لا يبعد أن يقال[3]: إنّ سرّج الله وجهَه أيضاً من باب الغرابة, وأما صاحب[4] "مجمل اللغة" فقد قال: سرّج الله وجهه أي: حسّنه وبهّجه ثُمّ أنشد هذا المصراع, لا يقال الغرابة[5] كما تفهم من


 



[1] قوله: [وإنّما لم يُجعَل اسمَ مفعول منه] إشارة إلى دخل مقدَّر حاصله أنه إذا كان سَرَّج بمعنى حَسَّن مستعملاً في كلامهم فلِما لم يُجعَل مُسَرَّجاً مشتقًّا منه لئلاّ يحتاج إلى التخريج البعيد ولم يكن من باب الغرابة. قوله لاحتمال إلخ جواب أوّل عن الدخل, حاصله أنّ الحكم بكون مُسَرّجاً غريباً يحتمل أن يكون ممّن لم يطّلعوا على استعمال سَرَّج بمعنى حَسَّن وإن كان متحقِّقاً في كلام العرب العرباء فالحكم بغرابته إنّما هو لعدم وجدانه في الاستعمال إذ من طريق العلم بعدم وجود الشيء عدم وجدانه, ومحصول هذا الجواب أنه غريب عند غير الواجد وغير غريب عند الواجد.

[2] قوله: [وأن يكون هذا إلخ] عطف على قوله أنهم إلخ وهذا جواب ثان, حاصله أنه يحتمل أن يكونَ سَرَّج بمعنى حَسَّن لفظاً أحدثه المولّدون من السِراج واستعملوه بمعنى التحسين ولا يكونَ في استعمال العرب العرباء فلا يمكن جعل مُسَرَّجاً الذي في كلام الشاعر الجاهليّ مشتقًّا منه.

[3] قوله: [على أنه لا يبعد أن يقال إلخ] جواب ثالث, حاصله أنه لا يبعد أن يكون سَرَّج بمعنى حَسَّن أيضاً غريباً بأن يكون كون سَرَّج بمعنى حَسَّن مبنيًّا على التخريج الثاني من التخريجين المذكورين, وعلى هذا فلا يفيد جعل مُسَرَّجاً مشتقًّا منه لأنّ المشتقّ من الغريب لا يكون إلاّ غريباً.

[4] قوله: [وأمّا صاحب إلخ] عطف على قوله وإنّما لم يجعل إلخ يعني أنّ ورودَ الدخل وأجوبتَه إنّما هو باعتبار من جعل مُسَرَّجاً غريباً وأمّا باعتبار من لم يقل بذلك فلا كصاحب "مجمل اللغة" فإنه فسّر سَرَّج بـحَسَّن ثمّ أنشد هذا المصراع فظاهرُ تفسيرِه وإنشادِه يدلّ على أنّ حَسَّن معنى حقيقيّ لـسَرَّج ليس مبنيًّا على التخريج البعيد وأنّ مُسَرَّجاً مشتقّ منه فلا يكون غريباً عنده.

[5] قوله: [لا يقال الغرابة إلخ] إشارة إلى الاعتراض على تفسيره الغرابةَ بكون الكلمة وحشيّة من وجهين أحدهما أنّ الكلمة الوحشيّة أخصّ تحقّقاً من الكلمة الغريبة لأنّ الوحشيّة تختصّ بالكلمة الغير العذبة بخلاف الغريبة فإنّها تعمّ الكلمةَ العذبة وغيرَ العذبة, وتفسير الأعمّ بالأخصّ لا ينعكس, والثاني أنّ مفهوم الوحشيّة مبائن لمفهوم الغريبة لأنّ الوحشيّة لا تختلف باختلاف الأقوام والغريبة تختلف باختلافهم, وما لا يختلف يبائن ما يختلف, ولا يصحّ تفسير أحد المتبائنين بالآخر.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400