لظهور[1] أنّ الجرشّى إمّا من قبيل تَكَأكَأتُمْ و افْرَنْقِعُوْا أو الجَحِيْش و اطْلَخَمَّ , وقد ذكر ههنا[2] وجوه أخرى: الأوّل أنها إنْ أدّت إلى الثِقل فقد دخلت تحت التنافُر وإلاّ فلا تُخِلّ بالفصاحة, الثاني أنّ ما ذكره هذا القائل في بيان هذا الشرط أنّ اللفظ من قبيل الأصوات فاسد لأنّ اللفظ ليس بصوت بل كيفيّة له كما عرف في موضعه, وضعفُ هذين الوجهين ظاهر[3] الثالث أنّ الكراهة في السمع[4] راجعة إلى النَغَم فكم من لفظ فصيح يستكره في
[1] قوله: [لظهور إلخ] تعليل لكون الكراهة داخلة تحت الغرابة, وحاصله أنّ الجِرِشّى إمّا من قبيل الغريب الغير الكريه الثقيل كـتكأكأتم وافرنقعوا أو من قبيل الغريب الكريه الثقيل كـالجحيش واطلخمّ وعلى التقديرين هو خارج عن تعريف الفصاحة بقيد الخلوص من الغرابة, وإنّما لم يجزم ههنا بكونه من القسم الثاني كما جزم فيما بعد لعدم الاحتياج إليه في توجيه النظر.
[2] قوله: [ههنا] أي: في مقام بيان وجه النظر. قوله وجوه أخرى أي: سوى ما ذكره الشارح.
[3] قوله: [وضعف هذين الوجهين ظاهر] أمّا ظهور ضعف الوجه الأوّل فلورود المؤاخذة اللفظيّة عليه بأنّ الكراهة ليست بمؤدِّية إلى الثقل بل الثقل يؤدِّي إلى الكراهة فقوله إن أدّت إلى الثقل ليس على ما ينبغي, ولورود منع الملازمة على قوله وإلاّ فلا تُخِلّ بالفصاحة إذ عدم التأدية إلى الثقل لا يستلزم عدمَ الإخلال بالفصاحة لجواز أن يكون الإخلال لأمر آخر, وأمّا ظهور ضعف الوجه الثاني فلأنّ كون اللفظ من قبيل الأصوات ممّا اتّفق عليه الأُدَباء وإن لم يكن منه حقيقة فإنّهم لا يلتفتون إلى التدقيقات الفلسفيّة, ولأنّ كون بعض الكلمات مكروهة على السمع ممّا لا شبهة فيه سواء جعل اللفظ من قبيل الأصوات أو لا, فلا شيء من الوجهين يُسمِن ولا يُغنِي من جوع.
[4] قوله: [الثالث أنّ الكراهة في السمع إلخ] هذا التوجيه للعلاّمة الخلخالي, وحاصله أنّ الكراهة في السمع
وعدمها يرجعان إلى قبح الأصوات وحسنها لا إلى نفس اللفظ فلا وجه لكونها مخلِّة بفصاحة اللفظ إذ المُخِلّ بها لا بدّ له أن يكون من صفات اللفظ, فلا وجه لقيد الخلوص عنها في تعريف فصاحة المفرد, وأيضاً لو جعلت الكراهة مخلّة بالفصاحة لخرج كثير من الكلمات المتّفق على فصاحتها عن الفصاحة لأنها إذا أدّيت بصوت قبيح كانت كريهة على السمع ولدخل كثير من الكلمات المتّفق على عدم فصاحتها في الفصيح لأنها إذا أدّيت بصوت حسن لم تكن كريهة على السمع.