لأنه قد يعرض لأسباب الإخلال بالفصاحة ما يمنع السببيّة[1] فيصير اللفظ فصيحاً, فإنّ مفردات الألفاظ تتفاوت باختلاف المقامات كما سيجيء في الخاتمة[2] ولفظ ضِيزى و دُسُر كذلك (و) الفصاحة (في الكلام خلوصُه من ضعف التأليف وتنافُر الكلمات والتعقيد مع فصاحتها) حال من الضمير في خلوصه [3] أي: خلوصه ممّا ذُكِر مع فصاحة كلماته, واحترز به عن نحو زيدٌ أجْللُ و شَعرُه مُستَشزِر و أنفُه مُسرَّج , ولا يجوز[4] أن يكون حالاً من الكلمات في تنافُر الكلمات لأنه يستلزم[5] أن يكون الكلام المشتمِل
[1] قوله: [ما يمنع السببيّة] كالتناسب وغيره ممّا يمنع أسبابَ الإخلال عن كونها سبباً في الإخلال ويُخرِجها عن التأثير. قوله فإنّ مفردات الألفاظ إلخ دليل للعروض لأسباب الإخلال ما يمنع السببيّة.
[2] قوله: [كما سيجيء في الخاتمة] من أنّ لكلّ مقام مقالاً لا يحسن فيه غيره, ومصداقه ما ذكره ابن الحاجب من أنه قد يلحق الشيءَ أمر يجعله فصيحاً كقوله تعالى: ﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ كَيۡفَ يُبۡدِئُ ٱللَّهُ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥٓۚ﴾ [العنكبوت:١٩] فـيُبْدِءُ ههنا حسّنه التناسب مع يُعِيْدُ. قوله كذلك أي: حسّنهما موقعهما الذي وقعا فيه.
[3] قوله: [حال من الضمير في خلوصه] وهو الهاء, وإضافة الخلوص إليه من إضافة المصدر إلى الفاعل فيكون الحال بياناً لهيئة الفاعل, وإطلاق الحال على الظرف تسامح بناءً على ظهور المراد إذ الحال في الحقيقة هو متعلَّقُ الظرف لا الظرفُ نفسُه. قوله واحترز إلخ بيان لفائدة تقييد الخلوص بقوله مع فصاحتها.
[4] قوله: [ولا يجوز إلخ] حاصله أنّ قوله مع فصاحتها إن جعل حالاً من الكلمات في تنافر الكلمات كان ذلك قيداً للتنافر لأنه العامل في الكلمات ويكون النفي المستفاد من الخلوص داخلاً على كلام فيه قيد والشائع في ذلك رجوع النفي إلى القيد, فيبقى الحدّ خالياً عن اشتراط فصاحة الكلمات في فصاحة الكلام, وهذا يستلزم أن يكون الكلامُ الخالي من الضعف والتنافر والتعقيد المشتمِلُ على الكلمات الغير الفصيحة فصيحاً, وأيضاً يفهم من الحدّ أنّ الخلوص من التنافر إنما يجب إذا كانت الكلمات فصيحة وإلاّ فلا, وهذا يستلزم أن يكون الكلامُ الخالي من الضعف والتعقيد المشتمِلُ على الكلمات الغير الفصيحة المتنافرة أو الغير المتنافرة فصيحاً إذ الخلوص من التنافر إنّما يجب إذا كانت الكلمات فصيحة.
[5] قوله: [لأنه يستلزم إلخ] تعليل لعدم الجواز, أي: إنّما لم يجز كون قوله مع فصاحتها حالاً من الكلمات في قوله تنافر الكلمات لأنه يستلزم إلخ. قوله لأنه صادق عليه إلخ تعليل للاستلزام المذكور. قوله أنه خالص إلخ ووجه صدقه عليه عدم خروجه عنه لأنه إنّما يخرج منه إذا وجد التنافر مع فصاحة الكلمات إذ الشرط أن يكون الكلام خالياً من التنافر مع فصاحة الكلمات.