على الكلمات الغير الفصيحة متنافرة كانت أم لا فصيحاً لأنه صادق عليه أنه خالص من تنافُر الكلمات حال كونها فصيحة فافهم[1] (فالضعف) أنْ يكون تأليف أجزاء الكلام على خلاف القانون النحويّ المشتهر فيما بين مُعظَّم أصحابه حتّى يمتنع عند الجُمهور كالإضمار قبل الذكر لفظاً ومعنًى (نحو ضرب غلامُه زيداً ) فإنه غير فصيح وإن كان مثل هذه الصورة أعني: ما اتّصل بالفاعل ضمير المفعول به[2] ممّا أجازه الأخفش وتبعه ابن جنّي لشدّة اقتضاء الفعل[3] للمفعول كالفاعل, واستشهد[4] بقولِه:..................................................
[1] قوله: [فافهم] إشارة إلى بحث وهو أن يقال إنه لمّا عُلِم من التعريف أنّ التنافر المقيّد بمعيّة فصاحة الكلمات مُخِلّ بفصاحة الكلام عُلِم بالطريق الأولى أنه مُخِلّ بها إذا لم تكن الكلمات فصيحة فلا يصدق التعريف على الكلام المشتمل على الكلمات الغير الفصيحة المتنافرة فلا يكون فصيحاً, وحاصل دفعه أنّ مثل هذا لا يقبل في التعريفات, وبالجملة قد عُلِم أنه إذا جُعِل قوله مع فصاحتها حالاً من الكلمات بقي الحدّ خالياً عن اشتراط فصاحة الكلمات في فصاحة الكلام فتدبّر.
[2] قوله: [ما اتّصل بالفاعل ضمير المفعول به] بيان للمراد بقوله مثل هذه الصورة, والمراد بالفاعل الفاعل المقدَّم على المفعول وبالمفعول المفعول المؤَّخر عن الفاعل, وفيه احتراز عن صورة التنازع إذا طلب الفعل الأوّل الفاعلَ والفعل الثاني المفعولَ وأعملتَ الثاني نحو ضربني وأكرمت زيداً فإنّه فصيح بالاتّفاق, وعن نحو صاحبها في الدار فإنه ممتنع بالإجماع. قوله ممّا أجازه الأخفش خبرُ كان.
[3] قوله: [لشدّة اقتضاء الفعل إلخ] تعليل للإجازة, وحاصله أنّ الفاعل والمفعول متساويان في اقتضاء الفعل المتعدِّي لهما لدخول النسبة إليهما في مفهومه فكما جاز الإضمار قبل الذكر في الفاعل جاز في المفعول, وجوابه أنّ اقتضاءه الفاعلَ مقدَّم في الملاحظة العقليّة على اقتضاءه المفعولَ لأنّ نسبة الوقوع تلاحظ بعد نسبة الصدور فكان الفاعل مقدَّماً رتبةً فلا يلزم فيه الإضمار قبل الذكر مطلقاً بل لفظاً فقط وهو جائز, بخلاف المفعول فيلزم فيه الإضمار قبل الذكر مطلقاً وهو غير جائز.
[4] قوله: [واستشهد إلخ] أي: واستشهد الأخفش على الجواز بقولهم جَزَى رَبُّهُ إلخ وعَصَى أَصْحَابُهُ وجَزَى بَنُوْهُ ويَلُوْمَنَّ قَوْمُهُ بأنّ الضمير المتّصل بالفاعل في الأوّل راجع إلى عَدِيَّ وفي الثاني إلى مُصْعَباً وفي الثالث إلى أبَا الْغِيْلاَنِ وفي الرابع إلى زُهَيْراً فثبت أنّ مثل هذه الصورة جائزة.